الثلاثاء، 21 يوليو 2009

النيل




النيــــل




سـارٍ ولمَّا يعْيِــهِ التسفــارُ
مـرّ القـرونِ مهابـةٌ ووقــارُ
نبعُ الجنـانِ ولم يزلْ سلسالـهُ
تزهـو بهِ البِلـدانُ والأمصــارُ
شهدُ الرَّحيقِ عزوبـةً وحـلاوةً
جـادتْ بهِ من فيضِهـا أقــدارُ
متلـوياً لا كالأفاعـي ريقُــهُ
مـن لدغـةٍ للعاديـاتِ عُقــارُ
يسري بجدبـاء القفارِ فينبـري
يعلـو بجدبـاءِ القفـارِ عَمــارُ
لو أنَّ نفـطَ الكـونِ يطلبُنـا بهِ
لـو رشفـةٍ ، قُلنـا: بذاك العارُ
يا خالدَ الجريـانِ ما من راحـةٍ
لك غيـرُ راحِـك بالحيـاةِ تُـدارُ
عجباً لمَنْ يجدُ العطـاءَ لغيـرهِ
فرحـاً لـهُ ، بل هكـذا الأخيـارُ
هل كالكنانـةِ وهي خيـرُ هديةٍ
هبــةً لفضـلِ محبـةٍ أثــارُ
شَمَخَت مدائنُهـا وعـزَّ جَنابُها
من فيضِ غدقِكَ حِنطـةٌ وثمـارُ
من عهـدِ فرعـوْنٍ إلى أيامِنـا
لم يكْبُ بالنعمـاءِ منـك عِثــارُ
شُريانُ إمـدادِ الحيـاةِ وقلبُهـا
ووريـدُها ومَسِيلُهـا المِعطـارُ
كم داعبتْ وجناتِ وجهِكَ نَسمةٌ
فبسِمتَ منـك الغانيـاتُ تَغــارُ
وكم التقى الأحبـابُ في أمسيةٍ
تُتلـى عليهم في الهـوى أشعارُ
ولَكَمْ تغنَّتْ يا جميـلُ بـلابـلٌ
بالحُسنِ حتــى إنَّنـي لأَحَــارُ
من أيِّ فائقـةِ البهـاءِ طريقتي
وبـأيِّ دانيـةِ الجَنـى أمْتــارُ
عبرتْ ضِفَافُـك يا تليدُ جحافـلٌ
ولهَا بأهـرامِ الخلـودِ مســارُ
ومضوا وأهلُك بالضِّفافِ شَوامخٌ
وبأنفِ ( هـولٍ ) ندبـةٌ تذكـارُ
وأتـى كـرامٌ فاتحـونَ قلوبُهُم
دُرَرٌ وهـامٌ للعـلاءِ منــــارُ
غرسوا بِها التوحيدَ رَوّ ى نيلُها
غـرسَ الفـلاحِ تحوطُـهُ أقمارُ
أشكو إليكَ بنيكََ طـالَ سباتُهُم
وشكـا النكوصَ إلى العُلا مِضمارُ
تُلقي بشهدِكَ في البحارِ وأرضُنا
رغمَ السَّلاسـبِ والقـراحِ قِفارُ
والحنطةُ السَّمراءُ لونُ وجوهِنا
عـزَّتْ يَمنُّ ببعضِهـا أشــرارُ
لو أنَّ نهـراً يُستسـالُ بقفـرَةٍ
كانـت لَـهُ بربوعِهـا آثـــارُ
ما كان قـومٌ قوتُهم مِنْ غيرِهم
حتـى كساهُمْ في الأنـامِ صَغـارُ
يا نيـلُ قُـلْ للغافلينَ دعوتُكـم
ولقد كفـى التحذيـرُ والإعـذارُ
فيضَ الجِنـانِ تحيةً ممزوجـةً
بالدَّمـعِ قد سالـتْ بِها أنهــارُ
زفوا إليـكَ مِنَ الحِسانِ عرائساً
فبناتُهنَّ لـدى الـرُّبى أزهــارُ
هـلاَّ خطبتُمْ ودَّهُ بقــــلادةٍ
يُهـدَّى إليكُـمْ بالنَّمـاءِ سُـوارُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق