الثلاثاء، 21 يوليو 2009

ولا يزال النهر مستمر فى العطاء














نتشرف بتقديم مدونه الشاعر العربي الكبير


حسن متولى عبيد




ديوان / فيض الشجون
نتمنى ان تسعدوا معنا بباقة من اجمل الاشعار التى قدمها لنا
الشاعر العربي الكبير
حسن متولى عبيد
مع خالص تحياتي
مدير قسم المدونات
الشاعر / محمد الصاوي
0107327626

فيض الشجـــــون


فيض الشجـــــون



شعر

حسن متولي عبيد



الديــوان: فيض الشجون
الشاعـــر: حسن متولي عبيد
الناشــــر: دار بلال للطباعة والنشر
الطبعــة : الأولى ‏2008‏‏
الغـــلاف : الفنان / وحيد البلقاسي
المدونه : الشاعر / محمد الصاوي محمد
رقـم الإيــداع: 16883/2008
الترقيم الدولي I.C.B.N: 977-5184-27-4

إهــــــداء

إهــــــداء


إلى أمي وروح أبـي..

وصلا بالدوحة، ومعراجا للقبول

إلى زوجتي وأولادي..

عشا للدفء، ومنطلقـا للتحليق

حسن متولي عبيد

مقدمة


مقدمة


الشعر هبة السماء.
مرآه النفس ، واختلاج المشاعر ، وإعادة تشكيل الحياة على الصورة التي أنفق المفكرون والفلاسفة أعمارهم يحلمون بها، ويسعون إلى تحقيقها، صحيح إنهم لم ينجحوا، ولكن حسبهم أنهم كانوا يريدون الأفضل والأجمل.
والشاعر لا يختار نفسه، بل يختاره القدر، عندما يجد فيه تربة صالحة للإنبات والإثمار.
والشعر ليس ترفا للشاعر، وإن اعتبره الآخرون كذلك، فهو عبء ثقيل وهم مقيم... نعم، فإن الشاعر الحقيقي يحمل رسالة، ويقوم بمهمة شاقة، إنه أكثر الناس وأسرعهم تأثرا بما يدور في نفسه ومن حوله، إن أوتاره المرهفة المشدودة سريعة الاستجابة، شديدة التأثر ومن هنا يأتي همه الدائم وعناؤه المقيم.
والشاعر الحقيقي مفكر مع كونه شاعرا، أو قبل أن يكون شاعرا.
أما الذين يرون الشعر تهويما وسباحة في الأوهام وأنهم يكتبون في حالة من اللاوعي، وأن القصيدة هي التي تكتبهم، وليس العكس فلا أظن أنهم صادقون في ذلك، وإن كانوا صادقين فإن المصيبة تكون أعظم.
وموضوعات الشعر تشمل الحياة كلها، فليس ثمة موضوع يصلح للشعر دون غيره، ولكن العبرة بالطريقة التي يتناول الشاعر بها الموضوع، والصورة التي يعبر بها عن رؤيته.
وليس هناك كذلك – في رأيي على الأقل- شعر مناسبات وشعر بلا مناسبة، ذلك أن أي خاطر أو باعث على الكتابة إنما هو مناسبة بحد ذاته، وليست المناسبة بالضرورة عرسا أو مأتما، وحتى هذه فإن العبرة تظل دائما بإنسانية التناول وجمالية الأداء، فالمتنبي كان شاعر مناسبات بالدرجة الأولى، لكنه كان ينطلق من خصوصية المناسبة إلى آفاقها الإنسانية الرحبة.
وثمة نفر ممن ينصبون أنفسهم أباطرة على عرش الأدب، يمنحون صكوك الشاعرية على من يرضون عنهم، وينسجون على مناولهم، ويحرمون غيرهم من دخول فردوس الشعر، يفعلون ذلك في الوقت الذي ينعون فيه ضياع قيم الحرية في الاختلاف وغياب الاستقلالية في الرأي.
لقد صار الشعر العمودي – وهو بالمناسبة أبو الشعر- صار يستجدي مكانا له بين أشكال الشعر الأخرى، أي إن الوالد أصبح يلح على ولده ليعترف الأخير به.
ولو أن هؤلاء قد عابوا على الشعر العمودي سطحية بعض شعرائه وجفاف تناولهم، لكنا أول من يشد على أيديهم، ولكنهم يصمون أذانهم، ويغمضون أعينهم عنه لمجرد كونه شعرا عموديا، إما استخفافا به، أو خوفا من أن يفاجئهم بجودة لا تهواها أنفسهم. إن الهجوم على الشعر العمودي تزداد خطورته عندما يتعدى مجرد الاختلاف على شكل من أشكال التعبير، إلى الاختلاف بين مضمونين حضاريين، ينتمي أحدهما إلى هذه الأمة ولا نعرف إلى أية جهة ينتمي الآخر.
وخلاصة القول، فإن الشاعر الحقيقي هو الذي يمتلك الرؤية الثاقبة للكون والحياة ويعبر عنها بصورة طريفة، وهو المعبر عن نفسه والناس جميعا، حاملا لهمومهم، معبرا عن أشواقهم، مستخدما في ذلك ما أمكنه من أدوات التعبير والتأثير.
وهو في ذلك لن يعدم من يشيدون بفنه، ويعجبون به، ولن يعدم كذلك من لا يروقهم إنتاجه مهما تخلى عما يرونه مغايرا لمذهبهم الشعري وطرائقهم في التعبير.
لقد جمعت هذه الأشعار نزولا على رغبة زملائي وأصدقائي بأن تكون هكذا في كتاب، ولعلي بذلك قد أرضيتهم أملا أن تنال إعجابهم وإعجاب غيرهم، وإلا فإني قد حققت لنفسي شيئا من الرضى، عندما أترنم بها في خلوتي، أو مع أصدقائي، أو وأنا سائر على جنبات الطريق.

حسن متولي عبيد

لمـاذا الـحزن




لمـاذا الـحزن





لماذا الحـزنُ والدنيـا تـدورُ
ولا ألـمٌ يــدومٌ ولا ســرورُ
ستشرقُ في ظلامِ اليأسِ شمسٌ
ويمـرحُ في رُبـا الأكـوانِ نورُ
ويَـروي حُرقةَ الظمـآنِ فيضٌ
ويعصفُ بالأسـى المضني حُبورُ
ويرفُـلُ في نسيجِ الزَّهرِ حقـلٌ
وترقصُ في ثيـابِ السَّعـدِ دورُ
فلا تحـزنْ إذا ما الصَّحبُ ولَّوْا
يكُنْ لك منـكَ بعدهمـو سميـرُ
أو الدنيــا وقـد قلبتْ مجنَّـاً
فلم يأمــنْ لها يومـاً خبيــرُ
أو الأسقـامُ قد أذِنتْ بحــربٍ
ستخمـدُ بعدما أخــذتْ تثـورُ
أو الأحــلامُ لم تفلــحْ بدربٍ
فقد تكـبو إذا غُــزَّ المسيـرُ
تأملْ جانبَ الإشــراقِ فيهــا
ترَ الخيـراتِ تُهديها الشــرورُ
تجدْ كلَّ الـذي بالكونِ يحيــا
لهُ يُدنيك في القُربـى مصيــرُ
ستفـرحُ إن أصابَ الناسَ خيرٌ
وتحـزنُ إن دَهـَتْ أحـداً أمورُ
وترثِـي للضعيفِ وليس يقـوى
وتسعـدُ للقـوي لـهُ زئيـــرُ
أحِبَّ النـاسَ إنَّ الحـبَّ فرضٌ
وبُغضُ النـاسِ إجـرامٌ كبيــرُ
فكم بالحـبِّ صار الخَصمُ خِـلاً
وأطفـأَ حـقدَهُ الأدبُ الوفيــرُ
وكم بالبُغضِ قد أجَّجْتَ حقــداً
لهُ في هــذه الدنيــا سعيـرُ
يضيءُ الحبُّ في الظلمات شمساً
وتُوصَـلُ بين ما انقطعَ الجسورُ
إذا أحببت كلَّ النـاسِ تبقــى
بهذا الكــون تنفحُـكَ العطـورُ
ولا يَبقـى لأحـزانٍ فــروعٌ
ولا تبقــى لأحقــادٍ جــذورُ
وتنعـمُ ما حيِيتَ بفيضِ حُـبٍّ
يطيبُ اللــبُّ ، تأتلقُ القشـورُ
فما للحُزنِ إن تحـزنْ ثــوابٌ
وما للمغرمين بــهِ أجـــورُ
سِـوى أن يحصُدوا بالهمِّ إثماً
سِـوى بالحزنِ تمتلىءُ الصُدورُ
لمـاذا الحـزنُ والأطيارُ تشدو
وفـوق رؤوسِها حَكَمَتْ صقـورُ
لماذا الحزنُ والأنهـارُ تجـري
وكـم بطرِيقها عَرَضـتْ صُخورُ
لماذا الحزنُ والأزهارُ تُهــدي
برغمِ الشوكِ ، ما احتجبتْ عطورُ
لماذا الحـزنُ والأقـدارُ تَمضي
وفـاز شكُورُها ، سَخِطَ الكفـور
فرجِّ الخيـرَ تلقَ الخيـر يأتـي
وإن لم يـأتِ ، أسْعَـدَكَ الشُعورُ
وخـلِّ الحـزنَ ، لا يقتُلْك وهماً
لتقـوَى إنْ دهـاكَ فـلا يَضيـرُ
وكُنْ صُلبـاً قـوىَّ البأسِ جَلْداٌ
وقـل : أنا دائما أسـدٌ جسـورُ
ستـربحُ إنْ صبَـرتَ ولم تولِّ
ويُكتبُ فـي صحيفتِك " الصبورُ "
فلا تَحـزنْ ، ولا تَعبـأْ بحـزنٍ
وبالأفــراحِ دُنيانــا تَمُــورُ

هدير الشوق




هدير الشوق





لهذا الشـوقِ في نفسـي هديرُ
أقـلُّ قليلـهِ عنـدي خطيـــرُ
ويبدو للأنــامِ يسيـرَ أمــرٍ
كمـا عندي خطيرهمـو يسيـرُ
هي الأشـواقُ ليسَ لهُنَّ حــدٌّ
يقـومُ بحملِهـا قلـبٌ كبيــرُ
فدُنيـا النَّاسِ أطمـاعٌ وجَمـعٌ
وهـذا الجَمعُ في نَهمٍ يَضيــرُ
بهِ تغــدو النفــوسُ مكبلاتٍ
وأنتَ لِمَـــا تُحبِّذُهُ أسيـــرُ
ولكنْ للـذي عَشِقَ المعالــي
سبـاقٌ لا يُفارقـهُ زفيــــرُ
فمـا طِيبُ الطعـامِ وثـوبُ عزٍّ
ومــالٌ عندهُ أبــداً وفيــرُ
يُعادِلُ أنْ يَـرى في الأُفْقِ بدراً
لهُ في النَّفسِ إشـراقٌ مُنيــرُ
ولا طيراً على الأيكــاتِ تشدو
علـى أثـرٍ لهُ شـوقٌ يسيـرُ
ولا مَرَّ النَّسيمُ بروضِ زهــرٍ
فحمَّلَـهُ الطيوبَ شـذا عبيـرُ
ولا راقَ الحديثُ بصحبِ خيـرٍ
ففاضَ الأُنسُ ليسَ لهُ نظيــرُ
ولا غَمَرَ الرثـاءُ رقيقَ قلــبٍ
إذا دَهَمَ الـورى خَطْبٌ عَسيـرُ
هديرٌ للمعالـي كيفَ تُرقَــى
وكيفَ بدربِهـا يحلـو المَسِيرُ
وهل لصِراعِنا في العيشِ جدوى
وقبل وجودِنـا حُسِمَ المَصيــرُ
ومادامتْ خطـوبُ الناسِ قبـلاً
قضـاءً ما الـذي مِنهـا يُجيـرُ
ولكنَّـا وقــد حُجِبتْ علينــا
فليسَ سِوى العقـولِ لنا تُشيـرُ
وإيمـانٌ بـأنَّ العــدلَ سقفٌ
أقــامَ عِمـادَهُ الحَكَمُ الخَبيـرُ
وشـوقٌ للكمـالِ بكـلِّ أمـرٍ
وهل طلبُ الكمـالَ بِهـا بصيـرُ
ولكــنَّ النفـوسَّ متيمــاتٌ
وكـم طلبَ الـوَزارَاتِ الخفيـرُ
وحسبُكَ أنْ طلبتَ بِهـا كمـالاً
ولـو أنَّ الكمــالَ بِها نذيــرُ
فقـد أنعشـتَ قلبَكَ باشتهـاءٍ
حصيـرُكَ بالمُنـى فـرْشٌ وثيرُ
وشوقٌ للصديقِ غَـدا بِصـدقٍ
صـدوقاً ليسَ فـي وَسَنٍ يُغيـرُ
وليسَ يُصيخُ في السَّراءِ سَمعاً
وفي الضَّراءِ عن شظَفٍ ضريـرُ
وشـوقٌ للبنينَ خلـودَ ذِكْــرٍ
إذا ضَمَّ الفَتـى يومــاً حَفيـرُ
فشـوقٌ ثُم شـوقٌ واشتيـاقٌ
وما بالنفسِ من شـوقٍ غزيـرُ
ولكنْ والفتـى للدهــرِ رهنٌ
فـإنَّ قليـلَ ما يرجـو كثيــرُ
فـإنْ يكُنْ اشتياقُكَ ليسَ يُجدي
فحسبُـكَ ذلك النَّزقُ المُثيـــرُ
وأنَّكَ والعبـادُ بغيــرِ شـوقٍ
رعايـا، أنتَ بالشـوقِ الأميـرُ

شرف انتساب

شرف انتساب
اعتزازا بالانتساب للدوحة الهاشمية




خَرَجتَ من الترابِ إلى السحابِ
بنيْلكَ في الورى شَـرَفَ انتسابِ
لدوحـةِ هاشـمٍ لعظيمِ أصـلٍ
فزدتَ من الكرامةِ في النصــابِ
وهل كمحمـدٍ شـرفٌ ومجـدٌ
هـززتُ إليهِ في شغفٍ رِكابـي
ويا حـظَّ الحصاةِ بذي الفيافـي
حَبَتهـا أنجـمٌ كـرَمَ اقترابــي
ويا للهِ حيـــنَ تَفيضُ شمسٌ
علـى الظلمـاءِ بالألقِ المُـذابِ
وهل مثـلُ القِفــارِ وقد تبدَّتْ
حدائقَ جمَّلتْ وجـهَ التُّـــرابِ
كسـاها الوابلُ المِــدْرارُ ثوباً
قشيبـاً ، غيَّرت خَلِقَ الثيــابِ
لمثلكَ حَقُ أنْ يختـالَ فخــراً
يمــرغَ خـدَّهُ بكـريمِ بــابِ
أصابكَ ذلك الشــرفُ المُفدَّى
وهامُك قـد عـلا هِمَمَ الرقـابِ
فعندكَ في صُـروف الدهرِ حصنٌ
وإنْ عضَّ الجـوى بحديدِ نـابِ
ولكن ليسَ ينفــعُ ذا أصـولٍ
تـوانٍ ، إنْ بَدَتْ سُودُ الحِـرابِ
إذا لم يستعِـدَّ لهـــولِ خَطْبٍ
ولم يلِـجِ الوغى عطرَ الخِضَابِ
إذا هو حينَ كشَّـرَ عن نيـابٍ
زمـانٌ ، لم يُكشِّرْ عن نيــابِ
إذا لمَّــا بدا للمجـــدِ سبقٌ
توانـى يرتضـي ذُلَّ الإيــابِ
إذا لم يبتــدِرْ عزمـاً وحزماً
وكان الفعـلَ ، معسـولُ الخطابِ
ومَنْ لم يأتذرْ في سُوح جِــدٍّ
تلقَّفَ ما يفيضُ مـن الذئــابِ
ومَنْ يكُ فخرُهُ من غيـرِ فعـلٍ
فقد طلـبَ القشورَ بـلا لُبــابِ
ورُودَكَ منهَلَ الأشـرافِ مجـدٌ
فزاحِـمْ بالـدلاءِ على الشَّـرابِ
وكُل تقـاعسٍ عيبٌ وعجـــزٌ
يجـرِّعكَ الأسـى من مُرِّ صابِ
وكم وَزَعَ الغبـاءُ من ارتقـاءٍ
وقد تُضْطَـرُّ حينـاً للتغابـــي
حنانَـك سيدَ الأكــوانِ إنـي
بما لِـي منـكَ مـرفوعُ الجنابِ
وأعلـمُ أن دينَ اللهِ عـــدلٌ
يُساوي الناسَ في سُوحِ الحسابِ
وإنْ أنا لم يكُنْ في اللهِ عزمي
مع النسبِ الشريـفِ أنَلْ عقابـي
فَشرُّ النــاسِ مَنْ لم يرعَ حقاً
لربِّ الكـونِ ، منتهِكَ الحِجَـابِ
ولكنِّــي ولــي فيكَ انتسابٌ
يُعيدُ إليَّ فــي هِــرَمٍ شبابـي
أطيرُ سعـادةً ، وأتيهُ فخــراً
وأرجــو أنْ يُضـاءَ بهِ كتابـي
إذا أعملتُـهُ مهمـازَ خيلــي
بسبـقٍ ليسَ صاحبُـهُ يُحابــي
وإني إنْ جمعـتُ إلى انتسابـي
إليك الصــدقَ ، يا حُسْنَ المآبِ
سلامـاً سيدَ الأشرافِ إنـــي
أسيرُ شفاعةٍ من سـوءِ عابـي

إلى أمـــي




إلى أمـــي





رحمَ الحيـاةِ ونبعَهــا يتدفقُ
كيف الغصونُ بغيرِ مائِكَ تُـورقُ
يا دوحـةَ الإظلالِ في صحرائِها
والشمسُ في كبـدٍ لها تتألــقُ
يا نهرَ فيضِ الحُبِّ يجري سلسلاً
لولاك مـا سـَرَتِ الدمـاءُ تدفَّقُ
يا حِضنَ أمنِ القلبِ في خفقانـهِ
دفقُ الحيـاةِ تفيضُ فينا تُغـدقُ
يا بسمةَ الإشراقِ في ظُلماتِهـا
كيف الحياةُ بغيِر شمسِك تُشـرقُ
ما للثراءِ بغيـرِ جودِكَ بهجـةٌ
من غيـرِ عطفِـك كُلُّ فقرٍ يُطبِقُ
ما شابَ طفلٌ بالفـؤادِ لشيبـهِ
يُدنيهِ منـك على المشيبِ تعلُّـقُ
أنَّى نـرُدُّ لكَ الجميــلَ وبِرُّنا
ديْنٌ ، وبـرُّكَ بادىءٌ لا يسبـقُ
ولرُبَّمـا نُعطيهِ دفــعَ ملامـةٍ
وكأننــا بعطائِنـا نتَصَـــدَّقُ
والبـرُّ مِنكِ على الدوامِ منـزهٌ
فلكِ الحيـاةُ بما بـذلتَ تَحقِّـقُ
هـزِّى إلينا جـذعَ نخلتكِ التي
فَتِئت تجـودُ ورطبُهـا متأنِـقُ
مُـدِّي ظلالَكِ في سماءِ هجيرنا
لهبُ الحياةِ ملفَّـحٌ ، ومحــرِّقُ
دُلِّي إلى طُـرقِ الجِنانِ نَسِرْ بها
هيهات تُبلغُ بالعُقُـوقِ وتُطـرَقُ
أمَّـاهُ إنَّـا والحيـاةُ مليئــةٌ
بالهمِّ ، كِدْنَـا بالمهـالكِ نَغْـرَقُ
نرنُو إليكِ ونورُ وجهكِ مُشرقٌ
فنقولُ وجهـُك للفـؤادِ مُصـدقُ
لا تلهثِينَ بـذي الحياةِ وسَعيُنا
ظنَّ الـذي مِما يُكابـِـدُ يُـرزَقُ
أنتِ اليقينُ فليس يقتُلُك ِالضَّنى
فالعهـدُ بينـكِ بين ربـكِ مُوثَقُ
بكِ لم يـزلْ لي في الحياةِ تعلُّقٌ
وكذا الغصـونُ بها الثمـارُ تَعلَّقٌ
من أنتََ مِنـهُ مُقــدمٌ ومُعظمٌ
عمَّن إليكَ ومنـكَ ، يسمُو يَسمُقُ
أُمـاهُ إنِّي والحيـاءُ يلِفُّنــي
لم أدرِ من أيِّ الأزاهــرِ أَنْشَقُ
مِنْ خالِصِ الحـُبِّ النديِّ أنالُـهُ
حتى وقد شَرِبَ المشيبَ المفـرِقُ
أم من صَفاءِ الوُدِّ يغمرُنـي إذا
أقبلتُ ، قلبُـك حانيـاً يترفَّــقُ
أمْ من دوامِ العطفِ ليسَ يشُوبُهُ
أربٌ يموجُ كما يمـوجُ الزِّئبـقُ
إن غبتُ غابَ البِشرُ عنكِ زهادةً
لا تفرحيـن وشملُنـا مُتفــرِّقُ
ما العيدُ يومٌ نحتفـي بربوعـهِ
بكِ ، ثم ينسـى بعد ذاك مُشَـوَّقُ
العيدُ عـودٌ للرِّحـاب تلفُنــا
بالحُـبِّ قد تعِبَ الفؤادُ المُرهَـقُ
عيدٌ بأمِّكَ بهجــةٌ وسعــادةٌ
وبغيـرِ أُمِّـكَ عَبـرةٌ تترقـرَقُ

شعر وموسيقا


شعر وموسيقا
إلى الإعلامية الكبيرة الأستاذة / حكمت الشربيني








أشعــــرٌ ذا ومُوسيقَـــا
أَمِ الإبــــداعُ تحلِيقَــــا
وشــدوُ بلابـــلٍ يسـري
ليفســحَ كالمـــدى ضِيقـا
أمِ الأشعــــارُ في نغـــمٍ
تُبلِّلُ للصــدَى رِيقــــــا
كــذا الأنــداءُ في خَضِــلٍ
وقــد صُبَّــتْ أباريقــــا
إذا مـا انســـابَ في سَحَـرٍ
تــرَى الإعجــازَ قد سٍيقــا
تُحلِّـقُ في الدُنَـــا طرَبَــاً
وقـــــد آمَنْتَ تصدِيقـــا
بـأنَّ الشِّعــــرَ مِن فَطِـنٍ
كَمَنْ يلقيـــهِ تَوفِيقـــــا
يبُثَّ الـــرُّوحَ في دَمِـــهِ
يِنمِقُ فيــــهِ تنمِيقـــــا
فمــوسيقـــاهُ تأسِــرُنا
وقــد فَضَّـــتْ مَغَالِيقـــا
فيــا مَنْ لم ينـمْ يرجُـــو
بلــوغاً للمُنــــى عِيقــا
إليـك الشِّعــرَ في نغَـــمٍ
تُحــدِّقُ فيـــهِ تحدِيقـــا
نظيــمَ العِقْـــدِ ربَّتُـــهُ
وقــد أهدتِــهُ تَطوِيقــــا
علَــتْ بالفــنِّ في قمــمٍ
ونلنـــاهُ الأفاويقــــــا
بربِّـكِ ما الــذي يُعطـــي
لشـــدوِكِ ذي المواثِيقـــا
أَفِعــلُ السِّحــرِ في طـرَبٍ
يهُـــزُّ النفسَ تشوِيقــــا
أمِ الإحســاسُ فـي ألَـــقٍ
ولم يعـــرفْ مساحِيقــــا
فأيــمُ اللهِ ذا قَسَمـــــي
يمينــــاً ليسَ تلفِيقـــــا
بأنِّـــي لمْ أكُـــنْ أبــداً
لأسمــــعَ فــىَّ تصفِِيقــا
وأنِّــي لـم يكُـن أمــــلٌ
لــهُ أحتــــالُ تحقِيقـــا
سِــوى حينَ التقـى شِعـري
بشـــــدوِكِ زادَ تعمِيقـــا
فـذا شَــرَفٌ ، وذا كَـــرَمٌ
ولســتُ أَزِيــدُ تعلِيقــــا

إلى مصــــــر





إلى مصــــــر





لمصــرِ العزيــزةِ في ذِمتي
صُنـوفٌ من الفضـلِ والنِّعمـةِ
وليسـتْ تمُـنُّ بفيضِ العطـاءِ
فكـم يفسُـدُ البـذلُ بالمِنَّـــةِ
فمنها رَشَـفْتُ رحيـقَ الحيـاةِ
وفيهــا ظلالــيَ في الوَقـدةِ
ومهـدُ الطفـولةِ في حِضنِهـا
وعهـدُ الصبابـــةِ والصَّبـوةِ
دمــاءُ الشرايينِ من نيلِهــا
سَـرَتْ مِنْ شرايينــهِ العذْبـةِ
ولقمـةُ عيشيَ مِـنْ أرضِهــا
وكم ذا تجـودُ على النُّـــدرَةِ
مسـارحُ لهـويَ في سُوحِهـا
وفيهــا كـذاك شَبَـا عَزْمتِـي
وفيهـا قـرأتُ كتابَ الحيــاةِ
تجلـى سطـوراً على صفحتـي
وفيهـا عَـرفتُ انطلاقَ الزمانِ
إلى الكـونِ قـد هَبَّ من موتـةِ
ومنهـا استُهـلَّ انبعاثُ الضياءِ
إلى النـاسِ أهـوتْ إلى ظلمـةِ
رأيتُ بأهرامِهـا المعجــزاتِ
مثـاًلا من الفـنِ والرَّوعـــةِ
وليسـتْ على مرِّهـنَّ الليالـي
يــَزدنَ البنــاءَ سِـوى قوةِ
وعاشَ بِهـا الأنبيـاءُ الكـرامُ
وأثنــى عليهـا عُلا الصَّفـوةِ
وقـالَ بِها الجُنـدُ خيرُ الجنـودِ
فهُـم فـي رباطِ علـى الثغـرةِ
وقـادَ صــلاحٌ لدينٍ رجـالاً
بحطينَ أهـوتْ علـى الكثــرةِ
ومنهـا اندحــارُ التتارِ الدمارِ
بأيـدي الكـرامِ مـن الفتيــةِ
وقد كان أزهرُهـا في الزمـانِ
منــارَ العلـــومِ ، وكالقبلـةِ
ويـومَ العبـورِ المجيدِ استعادَ
الرجـالُ الذي ضـاعَ ، في غفلةِ
أعادوا لمصـرَ اقتداراً ومجـداً
فأوصـلَ ما كــانَ باللحظــةِ
وهل بالذي " كان" يحيـا العِبـادُ
وهـمْ بعد عليـاءَ بالوهـــدةِ
وهل ينفـعُ العاجـزينَ الرجاءُ
بـلا أيِّ حـولٍ ، ولا حيلـــةِ
وهـل يُمطرُ الجوُّ خُبـزَ الجياعِ
ولم يزرعــوا الأرضَ بالحِنطةِ
تخيبُ الأمانـي بغيرِ الغِــلابِ
مع الصعـبِ يـزأرُ في الحلْبـةِ
فقوموا بني مصـرَ هـذا الأوانُ
لسعــيٍ حثيثٍ إلى النهضــةِ
بعَــوْدٍ حمـيدٍ ، وعـزمٍ أكيدٍ
إلى المجــدِ ، قد برِئت ساحتي
ببذلـيَ نُصـحَ الوفـيِّ الأمينِ
لشعــبٍ كريـمٍ إلـى إخوتـي
وليسَ كصـدقٍ لخـلٍّ صـدوقٍ
نصيـرٌ ، وإن كـان في قسـوةِ
إلى المجدِ غُزِّي بـلادي المسيرَ
فغيـرُك قـد صـارَ للغايـــةِ
فبالعـزمِ لا يستحيـلُ الرجـاءُ
وأما الشقـاءُ ففـي الكبـــوةِ
أعيـدي بـلاديَ خفقَ البنـودِ
ليخفقَ قلبــيَ من فرحتـــي

لدجلة والفرات

لدجلة والفرات



لدجلةَ والفراتِ هـوىً بنفسـي
يجِـلُّ عن التصبُّرِ والتأسِـــي
وهل لمُضاعَفِ الأشواقِ سلوى
وفي الإصبـاحِ تغمُـرُنا وتُمسِي
ومـا من مَرفـأٍ لسفينِ وجدٍ
تحُـطُّ رحالَهـا ، ولديهِ تُرسِـي
حـرامٌ هـذهِ اللقيا علينـــا
وكـلُّ حظُـوظِنا تَذكــارُ أمسِ
تعـذَّرَ أنْ تَلُمَّ الشمـــلَ أرضٌ
وقـد عِشنـا بِهـا برحابِ أُنسِ
أبغـدادُ التي قد كـان يُسْعَـى
لسـوحِ بهائِهـا من كـلِّ جنسِ
تُغـادرُ دوحَـكِ الأطيارُ تبكـي
وقد كان الغناءُ طقـوسَ عُـرسِ
وصـارَ غُرابُها المشئومُ نحساً
ومَنْ غيـرُ الدخيلِ غـرابُ نحسِ
منارَ المجدِ في العليــاءِ شوقاً
وخفقـاً بالفـؤادِ كخفـقِ نَقسِ
على ألقِ العروبــةِ حينَ يخبُو
وتفتِـــكُ فيـهِ ذُبيـانٌ بعبسِ
وينسـى إخْـــوةٌ وداً تجلَّـى
دُهــوراً لم يَشُبْـهُ قليـلُ لَبْسِ
ولكنَّ الذي قد جـاءَ يسعــى
لأجــلِ خرابِهـا مَنْ باتَ يُنْسِي
يـدقُّ عطـورَ منشََمِـِه جِهاراً
وهـل كـان الطَهورُ بشرِّ رِجسِ
فـلا تثِقـوا بمَنْ قد كان دوماً
لكـلِّ شعوبِنـــا إنـذارَ وَكسِ
وهل ترجــو الظباءُ ودادَ ذئبٍ
يفضُّ شِجـارَها بحديدِ ضِـرسِ
فيا مَنْ يستعينُ بسيفِ جــوْرٍ
على الإخـوانِ عدتَ بسوءِ تَعسِ
مــآربُ للكبــارِ وحظُّ فـردٍ
تُطيـحُ سَمُومُـهُ برقيقِ غـَرسِ
شعــاراتٌ ، ضــلالاتٌ ووهمٌ
نفـوسٌ للمذابـحِ ، شـرَّ بخسِ
وليسَ مقـاومٌ للبغـي فرضـاً
كمثـلِ عميـلِ شيطــانٍ أخسِّ
فذا مَنْ بــاعَ للأشـرارِ شعباً
وهـذا في الجِـلادِ عظيـمُ درسِ
أفيقــوا يا بنـي الأمجـادِ إنَّا
لمـا أنتُـم عليـهِ بِشرِّ بــؤسِ
وقـد كنَّـا وأنتُم خيرَُ عــونٍ
لمجـدِ عروبـةٍ نقــوَى ببأسِ
سلامـاً يا بـلادَ الشِّعــرِ إنِّي
يحنّ إليـهِ في بغـدادَ طُرســي
وهل كالبحتــريِّ يصونُ نفساً
عن الدَّنسِ المَعيِبِ وكــلِّ جِبسِ
وهل مثـلُ الرشيدِ نهىً وعزماً
غـدا للماجـدينَ ذُرا التَّأســي
وهل كالرافـدينِ رحيقَ شهـدٍ
وعـزا ، والورَى من غيرِ فِلسِ
وهل كنبوخـذ نصَّرَ حين أجْلَى
شِـراراً ، قد تركنــاهُم بِقُدسِ
وهل من مِـرْبَدٍ للشعــرِ أبهى
تـروحُ بهِ القصـائدُ خيرَ عنسِ
تهونُ مصائبُ الدنيــا وتمضي
شـدائدُ تستحيـلُ شــديدَ تُرسِ
وبعـدَ عـداوةٍ ، ألـــقٌ وودٌ
بخـزرجَ صـارَ أنصارٌ وأوسِ
سلامـاً يا رفاقَ المجـدِ إنِّــي سيصدُقُ ما ظننتُ بكُم وحَدْسـي

طوبى .. للغرباء




طوبى .. للغرباء
إلى الصامدين في غزة





طُوبـى لكُـمْ يا أيُّهـا الغربــاءُ
أعداؤكم صُهيـونُ والعمـــلاءُ
طُوبى لكُمْ والجوعُ يفري في الحَشَا
والذاهلـــونَ تَحُوطُهمْ نَعْمَـاءُ
طُوبـى لكُمْ هذا الجهــادُ سبيلكُم
قد دجَّنـوهُ لكي يحـلَّ عَفــاءُ
يا رافعينَ لذَا اللـــواءِ ولم يزلْ
للحقِّ في ذممِ الرجـالِ لــواءُ
سَلِمَتْ أياديكُــم وتلك شُعوبُكـم
تبغـي الخـلاصََ وقد أقامَ بَـلاءُ
شَقِيَتْ بوهمِ السِّلمِ لمَّا أذعنــوا
وإذا بما كـانت تـرومُ هَبــاءُ
لا ينفــعُ التَّسليمُ في زمنٍ بـهِ
أنيـابُ أذئـابِ الهــلاكِ مَضَاءُ
ما نالَ شَعــبٌ حَقَّـُه بِوداعـةٍ
دونَ الحُظـوظِ مَذابـحٌ ودِمـاءُ
فتخيـَّـروا للنصرِ أيَّ دُرُوبـهِ
كـذِبَ الأُلى قالوا الدروبُ سواءُ
قالوا " انتخاباتٌ" فخُضتُمْ نارَها
وظفِرتُمــو ، فتلمَّظَ الغُرَمــاءُ
حُوصرتمو بـراً وبحـراً مثلما
قد حُوصـرَتْ من قبلِهـا أجـواءُ
إن فـازَ غيركمـو فذلكَ حقُّهُمْ
والفـوزُ منكُمْ محنــةٌ وشقـاءُ
قد قالهـا قـومٌ تهافَتَ زعمُهم
للحقِّ ، قـد أزرَتْ بهم أهــواءُ
للنَّـاسِ كلِّ النَّاسِ حَـقٌ واجبٌ
ولمثـلِ ما ترجُونـه الإقصَــاءُ
قانـونُ غـابٍ لا سبيلَ لطالـبٍ
حقَا بـه ، لا لـن يُفيدَ عُــواءُ
العُربُ كالأعجـامِ في إقصائِكم
وحداهُمـو التحذيـرُ والإغـراءُ
اخوانكـم مثـلُ العـدوِّ بشأنِكُـمْ
قد أجمـعَ الإخـوانُ والأعــداءُ
ويلَ الذي قد ذاقَ سُـمَّ عــدوِّهِ
وسُقَاتُــهُ أترابُـــهُ النـُدلاءُ
لن ينصرُوكم مَنْ لهُمْ في شعبِهـم
وهـمُ الذئابُ بضعفـهِ استقـواءُ
لكن شعبَكُمـوُ يصونُ جهـادَكـُم
لم يُثنهِ الإغضـاءُ والإغفـــاءُ
أكتافُنا زادٌ , ومـاءُ عيونِنـــا
إن عـزَّ مـاءُ النَّبـعِ فهوُ الماءُ
وكذا القلـوبُ فلا تضِنُ بنبضِهـا
دِفـقَ المحبـةِ فيضُهُن عطــاءُ
والقولُ لا يُجـدي بغيرِ سخـاوةٍ
تلك القشـورُ من اللُّبـاب خَواءُ
قد خابَ من تركُوا الرجال بساحةِ
تلهـو بِهمْ فـي هولِهــا أرزَاءُ
مُدوا إليهم بالنَّـدى أيديكُمُــو
خَلَتِ البطونُ وجفَّـتِ الأمعــاءُ
لا تحسَبُـوا هذا العطاءَ سخاوةً
كم ذا يهونُ على الكريمِ سخـاءُ
والـدورُ آتٍ إن تَوانـى دعمُكُم
ها قد دعـوْتُ فهلْ يُجـابُ نِداءُ
فمواكبُ الشُهداءِ يصعُبُ حصرُها
ما كـانَ نصـرٌ ما لـهُ شُهـداءُ
كيفَ المبيتُ على الفراشِ بغفلةٍ
ومبيتُ أهلِكُمـو جـوىً وعَـراءُ
ناسٌ تموتُ لكي تعيشَ شعوبُها
كـم ذا يمـوتُ بذلـةٍ أحيــاءُ
ما خابَ قومٌ والبـلاءُ يحوطُهم
لم يثنهـم عن دفعـهِ استخـزَاءُ
لحماسَ والدُّنيــا تسُدُّ دروبَها
بابٌ عليـهِ تزاحَـمَ الشُرفــاءُ

إلى زوجتى




إلى زوجتى



سلامــــــــاً أُمَّ أولادي
شَريــك الملــحِ والـــزَّادِ
رفيـــقَ الــدَّربِ ممتلئـاً
بأشجـــانٍ وأعيــــــادِ
بِغيــرِكِ لَــمْ أكُـنْ أبــداً
سِـوى المستوحِشِ الصَّــادي
فـلا التشريــقُ يصرفُنــي
عـن استغرابـــيَ البــادي
ولا التغــريبُ يجذِبُنــــي
وإنْ أغرانــــيَ الحــادي
ولا السُّمـــارُ تُؤنِسُنـــي
بوحشـــةِ مُرِّ إفــــرادي
فقبلَـــكِ لم يكُــــنْ أربٌ
سِـــوى استجــلاءِ أورادِي
أغيبُ فليـسَ يفقِدُنـــــي
فتـــىً من خيـرِ أنـــدادي
وأحضُــرُ ليسَ يشعُـرُ بـي
غـــريرُ ودَّ إبعــــــادي
فليسَ لمبتَغـــى نفســـي
نظيـــرٌ أو لأبعَــــــادي
كمثــلِ الوحشِ أضربُ في الـ
حيــاةِ أَهيمُ في الــــوادي
ويومــي أمســيَ الفانــي
وكالمستقبــلِ البــــــادي
وحيـنَ عَرَفتُــك ابتسمــتْ
حياتـــي بعــدَ إعنــــادِ
ورُحــتُ بسُوحِهــا أشـدو
وصـرتُ البُلبــلَ الشـــادي
وأغـــدو في جَوانِبهــــا
بقيعــــانٍ وأطــــــوادِ
أُحلِّـقُ في الفضــا طربَـــاً
ومختـــــالاً كمنطــــادِ
وجــدتُ بعشِّـنا دفئــــاً
وأمنــاً مـن أذى عـــــادِ
وهل كالحُــبِّ من شِبَــــعٍ
لــو انَّ القـــوت بالكـــَادِ
فلــمْ تَشْكــي إذا عَبَسَــتْ
إذا بخِلـــــتْ بــــأزوادِ
حملـــتِ العـــبءَ في الـ
أسفــارِ يُثقِــلُ عــزمَ آسادِ
لنــا ولـــدانِ يجمعُنـــا
بحبــكِ في الهــوى نـــادِ
وأنـتِ الدَّوحــةُ الفيحـــا
وهُمْ مخضـــرُّ أعـــــوادِ
وأنتِ الشَّمسُ في الأجـــواءِ
تُدفــىءُ بــردَ أكبــــادي
أدامَ اللهُ بهجتنـــــــــا
عطــــاءَ المُنعمِ الهـــادي
وجمَّـــعَ شملَنــا أبـــداً
وفـــرَّقَ شمــــلَ حُسَّادي

من وحي الحج








من وحي الحج



يهفُو إليـكِ على الدوامِ فُؤادي
يا قِبلَــةَ الإنعــامِ والإسعـادِ
أسمَى الأمانـي أن أفوزَ بركعةٍ
في البيتِ في الحرمِ الجليلِ النَّادي
قد طالَ شوقـي والحياةُ قصيرةٌ
ولَكَـمْ أتـاحَ ليََ الكريـمُ مُرَادى
علِّي أطُوفُ بكعبةٍ وقـد انبـرَتْ
هـذي الجمـوعُ ترومُهـا بِمِعادِ
تُزجـي مطاياها وتركبُ مركبـاً
في الجـوِّ ، في الإبحارِ والإزبادِ
تحـدُو بِها الأمـالُ شوقَ تقبُّلٍ
للسعـي , للتَطْـوافِ , للأورَادِ
قـد أرخصــوا للهِ كُـلَّ مُحببٍ
للنفسٍ , مِنْ عَـرَضٍ ومِنْ أولادِ
وقفوا كيومِ الحشرِ قد ضاقتْ بِهم
جنبـاتُ مكةَ , واتسـاعُ الوادِى
لكنَّ رحمةَ مَنْ دَعا وسِعتهُمُــو
كرمـاً , لعاكِفِهم بهِ والبــادِى
يا لهفَ نفسـي يـومَ أوَّلِ ضمةٍ
للكعبـةِ الغـراءِ حِضنِ فُـؤادى
قلبـانِ : قلبٌ للدُنـى ومعـذَبِ
بالشـوقِ قد جُمعَا بخيـرِ بـلادِ
وإذا الطـوافُ وقد حباكَ بدورةٍ
دورانَ إدمـاجٍ بـذي الأبعــادِ
فَلَكٌ يدورُ وحولَ محـور قـدرةٍ
حتـى اللقـا بسـوحِ يـومِ تَنادِ
والموقفُ الجللُ المهيبُ برحمةٍ
بسطتْ بهِ للضـارعينَ أيـــادِ
جاشتْ قلوبُ الطالبينَ لِعفــوهِ
باهـى الملائكَ بافتقــارِ عِبـادِ
وإذا السلاسِبُ والقُراحُ بزمـزمٍ
ذهبتْ بأدواءِ العليـلِ الصـادِي
فإذا نضوْتَ عن الجُسُومِ رداءَها
هلاَّ نضــوْتَ لفائفَ الأحقــادِ
وبمثـلِ مـا لبَّيْـتَ لّبَّ مُنــادياً
للحقِّ يصـرخُ في الورَى ويُنادي
وإذا بلغتَ " يمينَ ربِّـكَ " فالتزمْ
باللَّثمِ غيـرَ مجـاوزٍ لســـدادِ
وإذا نزلتَ مِنًـى فَبِتْ برِحابِهـا
ثمَّ استفقْ مِنْ غفلـةٍ ورقـــادِ
وإذا رَميتَ الجمرَ فارمِ صواعقاً
نَزَغَاتِ نفسِــك قد دعتْ لفسادِ
وإذا ظَفِرتْ بروضِ طيْبةَ تنتقي
دُرَرَ العيونِ لَدَى الحبيبِ الهـادي
هذا محمـدٌ الذي خضعـتْ لـهُ
صِيدُ الجبابــرِ قد مَضتْ بِعنـادِ
هذا ابنُ آمنـة الكـريمُ ترققتْ
منـهُ الجـوانبُ ممعنــاً بودادِ
هــذا الذي لولاهُ ما بلغَ المُنَى
أحـدٌ , ولم نُـرزقْ بـأيِّ رشادِ
هذا الحفيُّ الهاشميُّ المُصطفى
هـذا البهـيُّ كوكـبٍ وقَّـــادِ
ما كنتُ قبلَ الوصـلِ أحسَبُ أنَّهُ
سيَـزيدُ نارَ الشوقِ قَـدْحَ زِنـادِ
ما الحـجُ أنْ تُزجِي لربكَ مركباً
بل أن تسـوقَ إليـهِ كـلَّ مُـرادِ
ليكُنْ رجـوعُكَ منهُ يـومَ ولادةٍ
مَـْن لي بعُمـرٍ بالصَّـلاحِ مُعادِ

إلى بغداد







إلى بغداد




لكِ في الفـؤادِ على الـدوامِ ودادُ
يا أُخـتَ بنتِ النيـلِ يا بغــدادُ
لكِ من صُنُوفِ الوجدِ ما بلغَ الذُّرا
ومضى الزمـانُ ولم يـزلْ يزدادُ
لكِ يا ابنةَ الأمجادِ إشراقُ العـلا
يهفـو إليـكِ بطوعـهِ ويُقــادُ
فنبُوخذ نصَّـرَ قد أقامَ ممالكــاً
قعـدت تُشيدُ بذكـرها آبـــادُ
هل سِحـرُ بابلَ غيرُ بعضِ مآثرٍ
شمخـتْ مدائـنُ بالخرابِ تُشادُ
ولحامُورابـي شِرعةٌ في ظلمـةٍ
كيـلا تـروِّع ظبيَهــا آســادُ


يا أرضَ سُومَـرَ والبهاءُ قلائدٌ
سطـعتْ بجيدكِ والورى أصفـادُ
يا مهدَ دجلـةَ والفراتِ روافداً
تُرجـى لديهـا نعمـةٌ وحَصـادُ
حيثُ الأحبـةُ بالضفافِ تجمعوا
تُتلـى عليهم في الهـوى أورَادُ
كم تحتَ أرضـكِ ثروةٌ وذخائرٌ
حُشـدتْ لنهـبِ كُنُوزهـا أجنادُ
والشعـرُ ما للشعرِ من متنفَّسٍ
فـي غيـرِ حِضنكِ لا تنامُ الضادُ
هل مِرْبدٌ للنـوقِ خيرُ قصـائدٍ
يصبـو لغيـرِ قِلاصهـا النُّقـادُ
كم ذا فتحتِ البابَ يحضِنُ قاصداً
كـم ذا تَقلَّـبَ في النَّدى قٌصَّـادُ
فالعُرْبُ بعضُ الأهلِ بل هُم أولٌ
فـي الرَّافـدينِ ، وهكذا الإرفَـادُ


ضاقـتْ بهم أوطانُهم فضَمَمتِهمْ
وشـدا بفيضِ سخائِـك الـورَّادُ
يا لهفَ نفسي يا كريمةُ ذا الذي
نَقِمَـتْ عليـكِ لأجلـهِ الحُسَّـادُ
يا لهفَ نفسي والشجونُ هَواطلٌ
كُثْـُر ، فـلا حصـرٌ ولا تَعـدادُ
أن يقسُوَ العـادونَ هذا عهدُهُم
ولنـا إذا ما دبَّــروا استـعدادُ
أما ذَووُ الأرحـامِ إنْ هُم باغتوا
فــأذلُّ شـيءٍ أنتَ حينَ تُصـادُ
يا خيرَ أبناءِ الرَّشـيدِ أمَا بَـدا
هذا الـذي بالرافـدينِ يُـــرادُ
فِـرَقٌ وأحـزابٌ وجمـعٌ ذاهلٌ
ذهبـتْ بِهمْ أطماعُهـمْ وعِنــادُ
كيف الوثوقُ بِمَنْ إذا ملَكَ الورَى
يفشـو الضـلالُ ويكثُـرُ الإفسادُ

هـل للذئـابِ إذا أسيلَ لُعابُهـا
غيــرُ الفــرائسِ تُبتغى وتُبادُ
مـا للذي قد كان هولُ فِعالــهِ
تُفــرى لنــا بنعالـهِ أكبـادُ
إلا بـأن نبقى أســارى مِنَّةٍ
يشقـى بهِ الأبنـاءُ والأحفــادُ
قوموا بني الأمجادِ قد بلغَ الزُّبى
سيـلٌ وحُـقَّ لذا اللظـى إخمادُ
أبنـاءُ هذا النيـلِ أهلُ محبـةٍ
لكمُـوُ ولحـمُ المنكِبين الــزَّادُ
والمـاءُ ماءُ العينِ لا نرضى بهِ
بدلا لسُقيـا أيُّهــا الأجــوادُ
سحبٌ وتمضـي والحياةُ مَراحلٌ
يـذْوِي السرورُ بسُوحِهَا ويُعـادُ
أبنـاءَ أرضِ الماجدينَ تحيــةً
من شعبِ مصرَ , لها الدماءُ مِدادُ

رمضان .. جاء






رمضان .. جاء





للهِ فـي أيامِكُـمْ نفحــــاتُ
فاستمطِـرُوها إنَّهـا رَحَمَــاتُ
رمضانُ شهـرُ البرّ شهرُ فضائلٍ
شهرٌ مُضـاعَفـةٌ بهِ الدرَجـاتُ
ويصفَّدُ الشيطـانُ في أغـلالهِ
لم يبقَ إلا النفسُ والنَّـــزواتُ
عيدُ المساجدِ بالصـلاةِ وبالتُّقى
وتشمـَّرُ الغدَوَاتُ والرَوَحــاتُ
والذِكرُ خيرُ الذكــرِ فيهِ معظَّمٌ
تهتـزُّ من إجلالـهِ الجَنَبـــاتُ
والبذلُ في الشهرِ الكريمِ مُحببٌ
في غيـرهِ فضلٌ بهِ عَشــراتُ
والقدرُ ليلتُـهُ العظيمةُ تُرتَجـى
ليستْ تَطـالُ فيوضَهَــا سنواتُ
والنفسُ تلهجُ بالدعاءِ ضراعـةً
للهِ قــومٌ أصبحـوا أو باتُــوا
وزكــاةُ فطرٍ في الختامِ تحيـةٌ
كـم ذا يليقُ بمؤمـنٍ زَكَــواتُ
وموائدُ الرحمنِ واحـاتٌ بهــا
تسخو النفوسُ وتُنتَضَى العَزَماتُ
اليـومُ فيهِ كساعـةٍ من فضلهِ
كم ذا تضيعُ بغفلـةٍ ساعـــاتُ
يا حظَّ مَنْ كان الصيامُ وقـودَهُ
هـو للتـزودِ بالتُّقـى مِيقــاتُ
صامتْ جمـوعُ المسلمينَ تقرَّباً
إنَّ النجــاةَ سبيلُهــا قُرُبَـاتُ
ليسَ الصيـامُ توقفـاً عن مأكلٍ
أو مشربٍ بل تُتَّقـى الشهـواتُ
مَنْ لم يَــدعْ زورَ الكلامِ وفعلهِ
لم يغنهِ صــومٌ ولا صلــواتُ
ما صام مَنْ نامَ النهــارَ بيومهِ
وأتتْ علـى ليلاتـهِ السَّمَــرَاتُ
مَنْ باتَ يُلقي في البطونِ عجائباً
والصـومُ مِنهـا جُنَّـة وتُقــاةُ
مَنْ لم يدعْ تلك المبـاذلَ أغرقتْ
فيهـا الجمـوعَ بوحلِهـا قَنَواتُ
الصومُ صــومٌ للجـوارحِ كلِّها
لا أن تؤجَّلَ فتــرةً وجَبَـــاتُ
ما أسهـلَ الصومَ الذي تَبْدو بهِ
بينَ العبـادِ شَعـارُك الإخبــاتُ
والصومُ أجدرُ حين يدفعُك الهوى
ولديكَ مِنْ شِيم الصيـامِ ثبــاتُ
هلا ذكـرتُم والموائدُ تــزدَهِي
هـذي الجيـاعَ يُذلُّهـا إعنـاتُ
تلك الأراملَ والصغارُ تصايحـت
وعزيـزُ ما تصبـو إليـهِ فُتاتُ
قد صمتُمو يا مسلمونَ جميعُـُكم
لِمَ لَمْ توحّــِدُ جمعَكم نكَبــَاتُ
هل في الصيامِ وفي الصلاةِ توحَّدٌ
وبكـلِّ أمرٍ فرقــةٌ وشتــاتُ
والخُلفُ حتى في الصيامِ وبدئـهِ
والخُلـفُ في غيـرِ الهلالِ مِئاتُ
وجحافلُ الفقـراءِ زادَ أنينُهــا
جوعاً ، ومِنْ شِبَـعٍ بكم أنَّــاتُ
لو يعلمُ الناسُ الذي في شهرهِم
كانـتْ لهُم في منتهـاهُ عِظـاتُ
علمـوا بأن مواسماً لا تنقضي
إلا عليهـا غيرُهــا تقتــاتُ
رمضـانُ جاءَ فلا تَضِنَّ بطاعةٍ
ما العمـرُ إلا هـذهِ الأوقــاتُ

إلى ولدىَّ

إلى ولدىَّ



لأيمـنَ ابنــي وأحمَــــدا
قدَّمــتُ بالحُــبِّ اليــــَدا
أملاً عــزيــزاً يُرتجَـــى
شـــرفاً أجـــوزُ بهِ المَدى
أصبُــــو إلى ما ينبغــي
لهُمــَا بــأنْ يتفـــــرَّدا
خُلُقــاً يفيضُ علــى الورى
أدَبــاً أضــاءَ وأرشَــــدا
لا شــيءَ أرجــو مُخلصـاً
لهُمــَا سِـــوى أنْ يَسـعَدا
أنْ يبلُغَـا شـرفَ الأُلَــــى
بلغــوا العُــلا والفــَرْقَـدا
أنْ يُكمِــــلا ما لَــمْ أزلْ
أسعــى لـهُ حتــى الـرَّدى
أنْ يرفعـــا ذِكــري كمـا
أرْجَعـتُ للماضــي الصَّــدى
شــرفُ الحيــاةِ وعِــزُّها
فــي أنْ تكـــونَ مُشيِّــدا
هــذى القصــورُ حجـارةٌ
لا يُرتجَـــى أنْ تَصــــمُدا
والنَّـشءُ إنْ أعددتَـــــهُ
سيظــلّ ذكـــرُكَ خالِـــدا
تبنيــهِ لا تَبنـــي لَـــهُ
فلسـوفَ يبنــي راشِــــدا
إنْ مِـتَّ كــانَ دُعــــاؤهُ
لكَ بالثـــــوابِ مـــؤيِّدا
يكفيــكَ يـــوم لقائـــهِ
أنْ قــــد رَعيتَ مـــوحِّدا
ما مــاتَ مَـنْ مِـنْ بعــدِهِ
تــركَ الرجــالَ شــواهِـدا
إنَّ الحيـــاةَ قصـــــيرةٌ
قـــد أوشكــتْ أنْ تنفــَدا
ليســتْ بمـــالٍ تُرتجَــى
بل بالشجاعــةِ والنّــــَدى
وبطاعـــــةٍ مقبولـــةٍ
ترعَــى السلــوكَ مســدَّدا
بالحـــزمِ لا بتساهُــــلٍ
نُهــدي إلى النَّشءِ الغَـــدا
قـــد ضــلَّ مَنْ لم يتَّبِـعْ
سُبــلَ السعــادةِ والهُــدى
أفســــدتُمُ النَّشءَ الــذي
بــدأ الحيــاةَ مُعربِــــدا
قــد زادَ بعـــدُ ضلالُــهُ
وقــد استخفَّ المُرشــــِدا
ولـــديّ قُـــــرَّةَ أعيُنٍ
مَنْ سرَّنـــي أنْ يُوجــــَدا
بُوركتُمـــا مِنْ فتيـــــةٍ
لا يعــرفـــونَ تــــردُّدا
وعسـى الإلـــهُ يُثيبُنــي
فخـــراً بِعزكُمــَا غَــــدا

النيل




النيــــل




سـارٍ ولمَّا يعْيِــهِ التسفــارُ
مـرّ القـرونِ مهابـةٌ ووقــارُ
نبعُ الجنـانِ ولم يزلْ سلسالـهُ
تزهـو بهِ البِلـدانُ والأمصــارُ
شهدُ الرَّحيقِ عزوبـةً وحـلاوةً
جـادتْ بهِ من فيضِهـا أقــدارُ
متلـوياً لا كالأفاعـي ريقُــهُ
مـن لدغـةٍ للعاديـاتِ عُقــارُ
يسري بجدبـاء القفارِ فينبـري
يعلـو بجدبـاءِ القفـارِ عَمــارُ
لو أنَّ نفـطَ الكـونِ يطلبُنـا بهِ
لـو رشفـةٍ ، قُلنـا: بذاك العارُ
يا خالدَ الجريـانِ ما من راحـةٍ
لك غيـرُ راحِـك بالحيـاةِ تُـدارُ
عجباً لمَنْ يجدُ العطـاءَ لغيـرهِ
فرحـاً لـهُ ، بل هكـذا الأخيـارُ
هل كالكنانـةِ وهي خيـرُ هديةٍ
هبــةً لفضـلِ محبـةٍ أثــارُ
شَمَخَت مدائنُهـا وعـزَّ جَنابُها
من فيضِ غدقِكَ حِنطـةٌ وثمـارُ
من عهـدِ فرعـوْنٍ إلى أيامِنـا
لم يكْبُ بالنعمـاءِ منـك عِثــارُ
شُريانُ إمـدادِ الحيـاةِ وقلبُهـا
ووريـدُها ومَسِيلُهـا المِعطـارُ
كم داعبتْ وجناتِ وجهِكَ نَسمةٌ
فبسِمتَ منـك الغانيـاتُ تَغــارُ
وكم التقى الأحبـابُ في أمسيةٍ
تُتلـى عليهم في الهـوى أشعارُ
ولَكَمْ تغنَّتْ يا جميـلُ بـلابـلٌ
بالحُسنِ حتــى إنَّنـي لأَحَــارُ
من أيِّ فائقـةِ البهـاءِ طريقتي
وبـأيِّ دانيـةِ الجَنـى أمْتــارُ
عبرتْ ضِفَافُـك يا تليدُ جحافـلٌ
ولهَا بأهـرامِ الخلـودِ مســارُ
ومضوا وأهلُك بالضِّفافِ شَوامخٌ
وبأنفِ ( هـولٍ ) ندبـةٌ تذكـارُ
وأتـى كـرامٌ فاتحـونَ قلوبُهُم
دُرَرٌ وهـامٌ للعـلاءِ منــــارُ
غرسوا بِها التوحيدَ رَوّ ى نيلُها
غـرسَ الفـلاحِ تحوطُـهُ أقمارُ
أشكو إليكَ بنيكََ طـالَ سباتُهُم
وشكـا النكوصَ إلى العُلا مِضمارُ
تُلقي بشهدِكَ في البحارِ وأرضُنا
رغمَ السَّلاسـبِ والقـراحِ قِفارُ
والحنطةُ السَّمراءُ لونُ وجوهِنا
عـزَّتْ يَمنُّ ببعضِهـا أشــرارُ
لو أنَّ نهـراً يُستسـالُ بقفـرَةٍ
كانـت لَـهُ بربوعِهـا آثـــارُ
ما كان قـومٌ قوتُهم مِنْ غيرِهم
حتـى كساهُمْ في الأنـامِ صَغـارُ
يا نيـلُ قُـلْ للغافلينَ دعوتُكـم
ولقد كفـى التحذيـرُ والإعـذارُ
فيضَ الجِنـانِ تحيةً ممزوجـةً
بالدَّمـعِ قد سالـتْ بِها أنهــارُ
زفوا إليـكَ مِنَ الحِسانِ عرائساً
فبناتُهنَّ لـدى الـرُّبى أزهــارُ
هـلاَّ خطبتُمْ ودَّهُ بقــــلادةٍ
يُهـدَّى إليكُـمْ بالنَّمـاءِ سُـوارُ

ياسينية الشهادة





ياسينية الشهادة

إلى روح المجاهد الشيخ / أحمد ياسين




عِشْ في جِنَانِ الخُلدِ والرَّحَمَـاتِ
يا شيخَنــا إنَّا مِنَ الأمــواتِ
العيشُ عَيشُ الرَّافضينَ لِذِلـــةٍ
والمـوتُ للراضينَ ذُلّ حيــاةِ
ما عاشَ مَنْ رَضِىَ الحياةَ ذليلـةً
ما مـاتَ مَنْ أفضى إلى الجنَّـاتِ
عَشِقوا الحياةَ فَسَالَمُوا واستسلَموا
واستمـرؤا الإذلالَ بالدّرَكَــاتِ
وعَشِقتَها بذلاً ونصـرةَ عاجــزٍ
فأقَضَّ عجـزُكَ مضجعـاً لِعُتـاةِ
يَسُ والقـــرآنِ إنَّــا معشـرٌ
حُرِموا بطولِ الصَّمتِ طَوقَ نَجاةِ
لا تعترينا صحـوةٌ أو نخــوةٌ
بإزاءِ ضيمٍ أو بوجـهِ طُغـــاةِ
صِرنا نخافُ الموتَ شأنَ أصاغرٍ
لا يعبئــونَ بما يجـيءُ الآتـى
أينَ الرجالُ ذووُ المروءةِ والنهى
أينَ انتضـاءُ العـزمِ والعزَمَـاتِ
قد هانتِ الدُّنيـا وهُنَّـا بعدمَـا
ذبحَ القـرودُ الشيخَ بعدَ صـلاةِ
فِعلَ الجبانِ فلا يواجِـهُ خَصمَهُ
بل بالخـداعِ وغـدرةِ الختـلاتِ
يسُ قد نِلْـتَ الشَّهادةَ وارتضتْ
هــذى الجمـوعُ تجرُّعَ الذِّلاَّتِ
ما قيمـةُ الصَّرخـاتِ لولا أنَّها
تنفيســةُ المكـروبِ بالأنَّــاتِ
نامتْ جيوشُ العُربِ في أحلامِها
صـدأَ السلاحُ أتى بقـوتِ عُراةِ
حَشَدوا الجنودَ حراسةً لعروشِهم
لا كـي تغيثَ الناسَ في الغَمَراتِ
حَرَسَتْ حدوداً من تدافعِ فتيـةٍ
طلبـوا الجهادَ لدحـرِ أهلِ شتاتِ
يا ضَيعـةَ الوطنِ السَّليبِ وأهلُهُ
يُزري بهم صهيـونُ كـلَّ غَـداةِ
شرِبُوا كؤوسَ الغدرِ شرَّ شماتةٍ
شـربتْ جموعُ العُربِ ذُلَّ سُباتِ
ما ضرَّهُم مادام يُذبَـحَ غيرُهـم
ولسـانُ حالهِمُـو يقولُ " حياتي "
والدورُ آتٍ لا محالـةَ حاصـداً
كلَّ الـذي في الرَّملِ من هامـاتِ
أُكِلُوا جميعاً يوم ضاعتْ قدسُهُم
لا تعبئــوا بصيامِهم وصَــلاةِ
هل مِنْ صلاحٍ يستجيبُ لدينِهـم
فقد اكتفـى الأعـرابُ بالنَّعَرَاتِ
أخذوا بكـلِّ طريقـةٍ وشريعـةٍ
عصفـتْ بنا في هــوةِ النكَبَاتِ
إلا شريعـةَ ربِّهـم قد أُبعـدَتْ
حتـى تسـودَ شريعـةُ الغَابـاتِ
يا قومَنَـا أذللتُمُـونا فارحلـوا
أوردتُمونــا مـوردَ الحَسَـراتِ
كنَّا نجوماً يستضىءُ بها الورَى
فأضعتمـونَا في دُجى الظلمـاتِ
كنَّا نجـودُ على العبـادِ بنعمـةٍ
ألجأتمُونــا لانتظـارِ هِبَــاتِ
هذا أوانُكِ يا شعوبُ فزمجِـري
لا تذعنِــي لأوامــرِ الإسكاتِ
بل سطِّـري بالبذلِ آمالاً لهـا
زمـنٌ بسجنِ القهـرِ والإعنـاتِ
يَسُ والجُـرحُ الذي فجَّـرتَـهُ
قـد لطَّـخَ العُربـانَ بالوصَمَاتِ
لاهُونَ في سَخَفِ الحياةِ وشعبُهُم
يلقـى العصابـةَ وحـدَهُ بثبـاتِ
ما عيشُنا ، ما قولُنا ، ما دورُنا
ما لم نكُنْ لديارِنــا بِحُمـــاةِ
ما لم نكُنْ عن دِيننـا عن أهلِنا
عن أرضِنــا حِمَمـاً بكلِّ غُزاةِ
فليمـرحِ الباغـونَ في ساحتِنا
ولنشــربِ الإذلالَ بالغُصــَّاتِ
ما دامَ باطِلُهُـم لَـهُ من بينِنـا
في زعمـهِ للسِّلمِ خيـرُ دُعـاةِ
حتى هُراءُ الشَّجبِ قد هَمَسوا بهِ
خوفـاً على الكرسـيّ والشَّاراتِ
صِرنا نرى الإرهابَ رؤيتَهُم لَـُه
فالدافعــونَ الضَّيمَ مثلُ بُغــاةِ
يَسُ والآلامُ طوفُــانُ الأسـى
عجِـزتْ عن استقصائِها زَفراتِى
لو أنَّهُم عَلِموا الشهـادةَ تُرتَجَى
بَخِلـوا عليـكَ بها كـدأبِ قُساةِ
أُبْدِلتَ بالكرسيِّ مقعـدَ صـادقٍ
كرسـيِّ سبقٍ في ذُرا الطاعـاتِ
ولسـوفَ يبـرُزُ ألفُ يسٍ لهُم
يُزكِـي اللهيبَ بحومـةِ الثاراتِ

ديــــــاب







ديــــــاب


إلى عمنا / دياب عبد الله دياب
البستاني في المدرسة




ديابٌ أنتَ والدُّنيــا غِــلابُ
فهـل لكَ مِخلَـبٌ منهـا ونـابُ
وحــوشٌ لا تلينُ لِغيرِ وحشِ
إذا ما ضمَّهـا في الشَّرعِ غـابُ
فلا يرجو من الأشـرارِ خيـراً
سِـوى المغـرورِ أتعبَـهُ سَرابُ

ديابٌ أنتَ في الميــدانِ بـاقٍ
وغيرُك مَعْشَرٌ سطعـوا وغابُـوا
كأنَّهـمو غثـاءُ السَّيلِ يمضي
وأنتَ الطَّمـيُ ليس لَهُ ذَهــابُ
زهـورُ الحقـلِ أسرُع في زوالِ
ويبقـى الجِــذرُ يحرُسُهُ الترابُ
ديابٌ أنتَ فوقَ الأرضِ تمشـي
فيزهـرُ تحتك القَفـرُ اليَبــابُ
يحنُّ إليك هذا الـزرعُ شوقـاً
هــو الظمـآنُ ظلَّلـهُ سَحـابُ
فأنتَ الـوالدُ الحانـي يربِّــي
لَهُ من بعـدِ غُربتــهِ إيــابُ

ديـابٌ أنتَ تعمـلُ في سُـرورٍ
وبالإخـلاصِ سعُيـكَ مُستَطـابُ
فــلا حِصصٌ تصُـُدكَ لا دوامُ
يـردُّكَ عن زُروعِـكَ لا نِصـابُ
ووجهُـك باسـمٌ دومـاً ويبدو
عليـك برغـمِ أسقــامٍ شبـابُ
ديـابٌ عمَّنـا سنــاً وبــذلاً
وسخريـةً هـي العَجَبُ العُجـابُ
فهـذا الكـونُ مدرسـةٌ ودرسٌ
وليس الدرسَ ما يحـوي الكتابُ
سَلِمـتَ تُذكِّـرُ الأحيـاءَ عهداً
لنـا من بعدِ مـا غرُبَ اغتـرابُ

اليتيم
















اليتيم





رفقــاً بكلِّ مُعـذبٍ ويتيــمِ
فالرِّفقُ آيـةُ كُلِّ قلـبِ رحيــمِ
واليتمُ رُزْءٌ لا سبيـلَ لحملــهِ
إلا بالاستســلامِ والتَّسليـــمِ
فترفقـوا بالقابعينَ ببؤسِهــمْ
بالفعـلِ لا بالقــولِ والترنيـمِ
ولدٌ بـلا أهلٍ كبيتٍ سقفُـــهُ
قد خرَّ يُمطـرُ بالأسـى وهمُـومِ
يا للغريبِ بكـلِّ ناحيــةٍ لـهُ
من غيرِ ما قـد نـالَ جهلُ ظَلُومِ
وكأنهُمْ لم يكتَفُــوا بمصابـهِ
فغدَوْا مَعَ الأرزاءِ شَـرَّ رُجُـومِ

لا يعبئـونَ بغيـرِ من أباؤهُـم
يبـدُونَ في الأفاقِ زهـرَ نُجُـومِ
وكذا المُنـافقُ والمُداهنُ مالَـهُ
من مـأربٍ غيرِ النفـاقِ ذَميـمِ
ولربَّ كاسٍ لليتامـى اُترِعَـتْ
بالحُـزنِ بين الأهـلِ كيـدَ رَجيمِ
ولرُبَّمـا نـالَ اليتيمُ بغربــةٍ
مــا لا نُصدِّقُـهُ من التكــريمِ
صونوا اليتامى أنْ تُذلَّ نُفُوسُهم
أن يُترَكـوا هَمَـلاً بكــلِّ تُخُومِ
أن يَسألوا الصُّمَّ العطاءَ يُقيمُهمْ
أو يَسألوا العُميانَ وصفَ رُسُومِ
أو يطلبوا الأمواهَ من جُلمُـودَةٍ
صمـاءَ ليسَ عَطاؤهـا بِمَـُرومِ
بَلْ بادِرُوهم بالعطـاءِ وكفكِفُـوا
بالعطفِ دمـعَ مُعذَّبٍ مَكلُــومِ

لا تحسبُـوا هذا العطاءَ تفضُلا
هو حقُهم هو أوْجَـبُ المعلُــومِ
الدينُ والخُلـقُ القويمُ قوامـُهُ
والرفقُ بالضُّعفــاءِ شـأنُ كريمِ
مَنْ للضعـافِ البائسينَ بفقدِهم
للأهـلِ ، للإيثـارِ ، للتضمِيـمِ
مَنْ للحيـارَى ليس يُرشدُهم أبٌ
من للصِّغـارِ بغيرِ حِضْـنِ رؤومِ
قُولـوا لهُم في يُتمِهم أباؤكُـم
والأمهــاتُ جميعُنـا بِلــزومِ
قُولوا لهُم بالفعـلِ لا بمجــردِ
الأقـوالِ ، قـولَ مُهذَّبٍ وحكيـمِ
ما اليتمُ عيبٌ والرسُـولُ إمَامكُم
قد فـاقَ في العليـاءِ كلَّ عظيـمِ
ما بين أهـلِ الفضـلِ أيتامٌ ولا
بين الكـرام ِكآبـةُ المحــرومِ


ليت اليتامـى يَظفَرونَ بِمسحـةٍ
بالعطفِ ، بالأفعـالِ والتصميـمِ
لا شيءَ يعدلُ في الدُّنا أن يلتقي
أهـلُ السَّخـاءِ بساحـةِ التَّقديمِ
أنْ يكلـؤا بالحُـبِّ أفئـدةٌ لها
أمـلٌ بكشـفِ عذابِهـا المحتُومِ
ليسَ اليتيمُ مَن استعـاضَ بوالدٍ
آلافُ أبــاءٍ ، وألــفُ نديـمِ
إن اليتيمَ من استُبيـحَ بقومـهِ
ولهُ مِـنَ الأهليـن لِدُ خصــومِ
لا تجعلـوا لليتمِ يومـاً واحـداً
ولهُ علـى الأيتـامِ ثِقلُ عُمـومِ
بل كلَّ يـومٍ كرمـوه وبارِكُـوا
خُطـواتِه الخضـراءَ كلَّ قُـدومِ
ولعلَّ قلبكِ إذ مَسَحـتَ برأسـهِ
أن يستريـحَ من اللَّظـى
بِنسيمِ

عذرا .. إمام الهدى








عذرا .. إمام الهدى




يا حـادىَ العيسِ رفقاً بالقــواريرِ
إنجازُ ما تبتغـي رهنُ المقاديـرِ
قد شفَّها كالـذي قـد شفَّ صاحبَهـا
لم يُثنهِ عن سُرىً خوفُ المحاذيرِ
إدراكُ طيْبةَ قد أمســـى لقاصدِهـا
أسمى الأماني وإشراقُ التباشيـرِ
هل مثـلُ أحمـدَ من هــادٍ نيمِِّمُـهُ
إن ضلَّ منا سُـراةٌ في الدياجيـرِ
أو مثلُ مَنْ في الوغى أُسْدُ الشَرى فَرقاً
تخشـاهُ لم تُغنهـا كلَّ التدابيـرِ
أو مثلُ مَنْ في النَّدى فاقَ الدُّنى كرماً
أعيى حصـاةَ النَّدى عدُّ القناطيرِ


أو مثلُ مَنْ وجهُهُ من طِيبِ مَنْبَتِهِ
أبهـى من البـدرِ فتَّانَ الأسـاريرِ
أم مثلُ مَنْ هديُهُ في دربِ أُمتِـهِ
يبقى إلى المُنتهــى مثلَ البواكيـرِ
أم مثلُ مَنْ لم تلد أُمٌ كما ولـدتْ
أمٌ لأحمـدَ حتـى فـي الأساطيــرِ
أنَّى لغيرِك يا إشــراقَ عزَّتِنـا
إدراكُ حظَّــك في بعضِ التواقيـرِ
هل تَحْجُبُ الشمسَ ذرَّاتُ الهباءِ
وهل يتناقصُ الطودُ من نقرِ العصافيرِ
أم هل يَضيرُ الذي أضحت مسالكُهُ
سُبلَ الهـداةِ هـراءٌ في التصاويرِ
ما غيَّرَ البحرَ إلقاءُ الغريرِ بـهِ
بعضَ الحصـاةِ تلاعَبَ بالمغاويـرِ
يا طالبَ الشمسِ بالإبهامِ تحجُبُها
فقدانُكَ العقلَ يشفعُ في المعاذيــرِ


أو فقدُكَ الذَّوقَ والإحساسَ كلَّهُما
أو فقـدُكَ النِّدَّ يلهُو في المواخيرِ
لو أنَّ مُعتصِماً أصْغى لصرختِنا
سالتْ دماءُ العــِدا مثلَ النوافيرِ
أو أنَّ بأساً لنا يخشاهُ شانِئُنــا
ما ناوَشَ النَّسْرَ أحفـادُ الدَّبابيـرِ
أو كانَ ما نغتذِي من طِيبِ تربتِنا
لا مِـنْ دُولارٍ ولا بعضِ الدنانيـرِ
هُنَّا فغرَّ العِــدا إغفاؤنا زمنـاً
لم يصْـحُ إلا مُعـدُّ للتقاريـــرِ
لم يصْحُ إلا سياجٌ صدَّ ناخِبّنـا
عن لجنةِ الرأي يرقَـى بالمواسيرِ
لم يصْحُ إلا هتافٌ رغمَ خيبتِنَـا
في كلِّ شىءٍ , بإستادِ الجماهيـرِ
لم يصْحُ إلا غيابُ الناشئينَ لنـا
عن قاعةِ الدَّرسِ غصَّتْ بالطَّباشيرِ


لم يصْـــحُ إلا فضائياتُنـا دأبتْ
تُزجي إلينا هراءً في التَّشافيـــرِ
ويلَ الأُلـى ما لهمْ في بحرِ نكبتِهم
طوقُ النَّجاةِ ولا عينُ النواطِيــرِ
عُذراً إمامَ الهُدى عُذراً أشدَ خنـىً
من وطأةِ الذنبِ في كـلِّ التفاسيـرِ
هل ينفعُ الدمعُ والأطنابُ رابضـةٌ
وليس يُغني مضـاءٌ في التعابيــرِ
ما بالُ حريـةٍ للـرأي قد جَبُنَـتْ
عن نفي زعمٍ لحـرقٍ في التنانيـرِ
بل صَولةُ البغى في إخفاقِنا شَمَخَتْ
ولسـوفَ يأتـى سـدادٌ للفواتيـرِ
تفديكَ نفسى وأجنادٌ لنا صرَخــتْ
في سُوحِ لاهورَ ، في أرضِ المهاتيرِ
والعُربُ ما حرَّكوا – كالعهدِ- ساكنةً
في النائبـاتِ سِوى هزِّ الطراطيرِ

إلى أحبتي






إلى أحبتي


زملائي بالثانوية القديمة للبنات بكفر الشيخ



أتفعلُ صحبةُ العَشْـرِ الخَوالـي
بكُم فعــلَ المهنَّدِ والعوالــي
أكـلُّ الحـبِّ هذا في قصــارٍ
من الأيـامِ ، كيفَ بِذي الطـوالِ
وناسٌ أنتُمــو أمْ طيفُ وهـمٍ
أم الأحـلامُ جالـتْ في خَيالـي
وفي الدُّنيـا على ما شاعَ فيهـا
ودادٌ يرتقـــي قِممَ المحــالِ
لقـد غيرتُمـو ما كانَ عنـدي
شعـاراً ، أرتضيـهِ بلا جِــدالِ
بأنَّ الناسَ قد فَسَــدوا وأمسى
صديقـُكَ فكـرةً عَبَرَتْ ببــالِ



وأن صديقَـكَ المأمـولَ شىءٌ
خُرافــيُ المعالمِ والـــدوالِ
ولم أعلـم بأنَّ الخيـرَ بــاقٍ
وما دامـتَ تجاذَبُنَـا الليالــي
وأنْ ليســتْ لهَـا الأمالُ حـدٌ
كمـا ليسـتْ لهاتِيـكَ المَجَالـي
جزاكُـم ربُكُـم خيـراً فإنــي
وقـد بلَّغتُ في الدنيـا نَوالــي
أُقـرَّ بكـلِّ إيمـانٍ وصــدقٍ
بأنَّكمـُو – إذنْ – مِنْ خيرِ آلـي
وأنَّكُـمُ الكـرامُ صفــاءَ نفسٍ
فـديتُ صنيعَكُم وبكـلِّ غـــالِ
وحتـى مَنْ عَرفتُهُمـو حديـثاً
ألحُّـوا في التَّقصـي والسـؤالِ
لقد عِشتُ السنينَ بأرضِ قـومٍ
وقد أبلـى المسيـرُ لهم نِعالـي


ولمَّا حـانَ وقـتُ الجِـدِّ ولَّى
الاخْصائِـيُ عنِّـي والأوالــى
كأنَّ الخُبـزَ لم يُغمسْ بِملــحٍ
وأنَّ العهدَ مُهتـرىءُ الحِبــالِ
وأنَّ زميلَهم ولَّـى فولـــى
سِـوى من بعضِ قيـلٍ أو وقالِ
مضـى من غيـرِ توديعٍ ، ودمعٍ
كما التمساح ، صعـبٌ في النوالِ
إذا ما زُرتُهـم فَــروا لِـواذاً
كمـا يجـري المهـدَّدُ بالنِّصـالِ
ومَـنْ لم ينتحِـبْ حُزنـاً وغماً
على الأصحـابِ بِعهُ بغيرِ مـالِ
زميـلٌ قد بكـى فالتـاعَ قلبـي
تبـدَّلَ عندهـا لغريبِ حـــالِ
وعن صَحبـي فحـدِّثْ كُـلَّ خلٍّ
كــذاك تكـونُ معرفـةُ الرجالِ
أحـزناً إنْ نأى يا صَحْبُ مثلـي
كحـــزنٍ عند فقـدٍ للعيــالِ




غَضِبتُم غضبةَ الآســادِ تفري
إذا ما أعلنت خوضَ النـــزالِ
وصرتُم ليسَ من أمـلٍ يُرجَّـى
سِوى عَودِ البعيـرِ إلى الجِمـالِ
فسقتُم يا كرامُ لـــهُ صنوفـاً
من الأوجـاعِ زادتْ في هزالـى
وسقـتُم خيـــرَ أزهارٍ وفـلٍّ
يضُـوعُ عن اليمينِ عن الشمالِ
إليكُم معشـرَ الأحبـابِ حُبــاً
يضيقُ عليـهٍ متسِعـاً مقالــي
وعـدتُ لحِضـنِ أحبابي أُلبِّـي
فـراق أحبَّتي عنـدي ، زوالـي
لمثلِ شعُـوركم رُوحـي تفـدِّى
رجـالاً أُسكِنـوا قِممَ المعالــي

تودد .. وصدود

تودد .. وصدود



غمـرَ الفقـيرَ مِنَ الغنيِّ تـوددُ
وأشاحَ بالصـدِّ الشقىُّ المبعَــدُ
وأتى العزيـزُ إلى الذليلِ تقربـاً
بذلَ الـودادَ إلـى العبيدِ السَّـيدُ
عجباً لِمَنْ قد جفَّ ريقُ حلوقِهم
ودنا إليهم في الجفـافِ المـورِدُ
مًنْ في السَّقامِ أتاهُمُ الطبُ الذي
يشفيهمو ، والبابُ منهم موصـَدُ
مَنْ بالعطـاءِ وقد تناثـرَ من يدٍ
ردَّت عليــهِ وبالجحـوداتِ اليدُ
يا ويـلَ مَنْ لم يكتـرثْ بعزُوفِهِ
فلهُ الوعيدُ إذا دهـاهُ الموعِــدُ


مَنْ لم يزلْ رغمَ الوعيدِ ووعدِهِ
يمضـي بغيٍّ ظنَّ مَنْ سيُخلَّــدُ
مَنْ لم يقمُ بالواجباتِ على الذي
شـرعَ الهـداةُ وقـد أتمَّ مُحمَّـدُ
مَنْ لم يَرُدَّ على الــودادِ بمثلهِ
قـد هـامَ في ظُلَمِ الدُّجى يتـردَّدُ
لو لم يكُنْ مِن سوءِ ما يأتى بهِ
إلا العقُـوقُ , كفــاهُ رزءٌ مقعِدُ
قد أطمعَ الأغـرارَ أن رِحابَــهُ
ليستْ على نـَزقِ الغوايـةِ تَطرُدُ
قد كان فيها رغمَ كلِّ كبيــرةٍ
عند الرجـوعِ لِمنْ تراجـعَ مَقعَدُ
هلا خَجِلتَ وقـد رآكَ بمـوقفٍ
وقد انـزويتَ عن العيونِ ترصَّدُ
أن كانَ أهونَ ما خشِيتَ رقيبُـهُ
وأشدَّ ما تخشـى العبـادُ تنـدَّدُ


يا طولَ حبلٍ للظــلومِ يُطيلُـهُ
وبــهِ إذا لـم يستفِقْ سيُصَفَّـدُ
وخَطَ المشبُ الــرأسُ يُعلن أنَّهُ
قـد كادَ فـي ظُلَـمِ العفاءِ يوسَّدُ
وهناكَ ليسَ على الإبــاق تندُّمٌ
يُجـدِي وهـلْ في النائباتِ مؤيِّدُ
ذهبَ الذينَ على الضلالِ صَحِبتَهُمْ
عندَ الحِمَـامِ تفرقـوا وتبـدَّدوا
وبقِيتَ في الأصفادِ وَحدكَ صاغِراً
فـرداً أتيتَ وبالمهـالِكِ تُفْــرَدُ
أسفاً على مَنْ ضاعَ جُلَّ حياتهِ
بالغَـيِّ يسعـى، بالفسـادِ يُعربِدُ
هذى الرحابُ ولم تزلْ ترتادُهـا
زُمـرٌ لهـا ممـا أفـاءتْ حُسَّدُ
ما خابَ مَنْ قد رام طِيبَ نِوالِـهِ
ولهُ علـى عِظَـمِ العطـاءِ تجدُّدُ


فَـرَحٌ بعـودةِ مَنْ أنابَ وغبطـةٌ
فـرحَ المسافـرِ قد حواهُ الفدفَدُ
حتى إذا ما ضـاعَ رَحْــلُ بقائـهِ
وجـدَ النجيبـةَ بالحياةِ تُزغـرِدُ
يكفيكَ أنْ تـدعَ الغـرورَ وزيفَـهُ
وتجيءَ مِنْ خَلـعِ الهـوى تتجرَّدُ
فاطرقْ بأبـوابِ الضــراعةِ لائذاً
تَنَـلْ القبُـولَ فعفـوهُ لا ينفَــدُ
يا حظَّ مَنْ عَلِقَ الرجــاءُ بقلبــهِ
مَلَكَ الزمــامَ وقـد أُعيدَ المِقُوَدُ
صَغُرَتْ لديهِ الشامخــاتُ بزُهـدهِ
فيها ، وصُغـرى الصالحاتِ تُمَجَّدُ
وسَرَى يــرومُ الحقَّ لا يألـو بـهِ
جهداً ، إذا ما قـد تقاعسَ مُجهَدُ
مَنْ ذاقَ بالحُبِّ الودادَ ونشوةَ الـ
إخباتِ جافـى جانبيـهِ المرقـَدُ

من وحى المولد




من وحى المولد



شرفُ المقامِ عن البيانِ معـــوِّقُ
كيف السبيلُ إذا استهامَ مشـوَّقُ
إنْ لاذَ بالصَّمتِ المحبونَ انبـــرتْ
أشــواقُهُمْ تجتـــاحُهُم.تتدفَّقُ
أو أفصَحوا عجَزوا عن الوصفِ الذى
يشفيهُمـو مهمـا أجـادُوا نمَّقُوا
فهمو حيارَى بين إفصاحٍ علـــى
خجـلٍ وصمتٍ بالصبابـةِ يَخنقُ
عذراً أبا الزهـــراءِ إنْ كانَ الذى
أرجــو من النَّعمـاءِ لا يتحققُ
ألا بما لي من صفـاءِ مــــودةٍ
وبما حبـاهُ على القُصـورِ تعلَّقُ
كيف الحصاةُ تطالُ في صحــرائِها
شرَفَ النجــومِ بأفْقِهــا تتألَّقُ
بل كيفَ تصبُو في الغديرِ جنـادلٌ
للبحــرِ يبتلعُ القـلاعَ ويُغـرِقُ
لكنها الأشواقُ ليست ترعَــوى
والحـبُّ يكفـي إنْ تعثَّـرَ منطِقُ
ميلادُ أحمـد أَمْ مخاضُ ولادةِ الـ
إحسـانِ في أبهى المعاني يُخلَقُ
عَفَتِ المكارمُ بعد طولِ جفائِهــا
تبلـى المكـارمُ كالثيابِ وتَخْلَقُ
فأعدتَ فيها الرُّوحَ بعد سُباتِهــا
وهفا بها صـوبَ الحيـاةِ تَشوُّقُ
ورفعتَ للتوحيدِ سامِقَ رايـــةٍ
فغـدتْ بآفـاقِ الوضـاءةِ تخفِقُ
ونزعتَ خوفَ الحائرينَ بنعمةِ الـ
إيمـانِ قـرَّ مُسَهَّــدٌ ومـؤرَّقُ
وأضأتَ سُبْلَ السالكين إلى العُـلا
دَرَسَـتْ بشركٍ ثم عـادت تُطرَقُ
وجمعتَ أعرابَ الفلاةِ فأصبحـوا
قممَ الأنامِ بهم أضَـاءَ المشـرِقُ
وترفَّقتْ أكبـادُهم فتفطـــرتْ
أسفـاً على سَفَـهٍ بهِ قد أغرَقُوا
وتوزَّعوا في الناسِ رُسْلَ هدايةٍ
للحـقِّ في ظُلَـمِ الجهالةِ تُشرِقُ
وغدَوْتَ للإخــلاقِ خيرَ مثالِهَا
سَعِدَ الذين بمـا سنَنْتَ تخلَّقـوا
آثـرتَ عيشَ البائسينَ زهـادةً
لو شئـتَ نِلتَ بهِ الأطايبَ تُغدَقُ
وضممتَ أفذاذَ الرجالِ بساحــةٍ
فغـــدتْ بأنفاسِ الأزاهرِ تَعبَقُ
سلمانُ والفـاروقُ خيرُ أُخـوَّةٍ
وبـلالُ والصديقُ غُصـنٌ مُونِقُ
مَنْ لي بمَن في النازلاتِ فوارسٌ
وإذا ادلَهَمَّ الخطـبُ نارٌ تحرِقُ
وإذا أنـاخَ الليلُ في ساحاتِهـم
غمرَ العيونَ من الخشوعِ ترقرُقُ
فانظرْ أبا الزهـراءِ ذي أوطانُنُا
أزرَى بهـا بعد الـوِدادِ تفـرُّقُ
مِنْ بعدِ مـا عاشوا قروناً سادةً
أمسـى غـرابُ البينِ فيها ينعِقُ
أممٌ تداعتْ حول أضيـع قصعةٍ
تـربو علـى المليارِ وهى تَشَّدقُ
ميلادُ أحمدَ قد أهــاجَ لواعِجاً
نكـأَ الجـراحَ فلم تــزلْ تتفتَّقُ
مولاىَ أنْ تكُنْ الشكايـةُ أسرفتْ
فالجِيدُ منـكَ بمـا سنَنّْتَ مُطوَّقُ
فجزاكَ ربُّ العرشِ كوثَرَكَ الذي
دفـعَ الظِمـاءَ إليهِ يومٌ مُحـرِقٌ
وسقى الغمـامُ ربوعَ أحمدَ بُكرةً
وكـذا الأصيـلَ فنبتُهــا مُتأنِّقُ
ميـلادَ خيـر الرسلِ خيرَ تحيةٍ
من طِيبِ غرسِـكَ بالأباطحِ يُورِقُ
قد غادرَ الصَّدرَ الفؤادُ إذا انبرتْ
تسـري إليك على الهُيـامِ الأينقُ
فالحبُّ ميثـاقٌ وأوجـبُ ذمـةٍ
قد عـزَّ بعـدَكَ مَنْ يُحبُّ ويصدُقُ

الى كفر الشيخ










إلى كفر الشيخ





لكفرِ الشيـخِ ما يدعـو بَنيهـا
إلى أن يُبدعُـوا الأشعــارَ فيها
لها من سابـغِ النَّعماءِ فضْــلٌ
يَـروحُ بهِ الفتـى زَهْـواً وتِيها
وهل مثـلُ الوفــاءِ لـرَدِّ دَينٍ
وكـم ذا قــد رَعَـتْ أمٌ بنِيهـا
بدلتا نيلِهـا المعطـاءِ تبــدو
كفلْـجِ الحُسـنِ خلابـاً بفِيهــا
فدلَّتْ بالذي يختــالُ حُسنــاً
بـأنْ قد فـازَ حتمـاً مُستبِيهـا
وأنَّ نسيمَهـا الممزوجَ عِطـراً
يـدلُّ على الطـريقِ لِسالِكيهــا


وأنَّ بهـا مروجــاً مُثمـراتٍ
تُغــازلُ بالجنَـى مُستثمرِيهـا
وأنَّ ببحـرِها صيـداً وخيـراً
ومصطـافَ السـرورِ لمغرمِيهـا
وأنَّ بأرضِهـا شيخاً جليــلاً
لهُ قـد أصبـحتْ كفـراً شبِيهـا
كذا قُطـب أبو العينينِ نَجــمٌ
غـدا بدسوقِهـا ألقـاً سمِيهــا
وأنَّ زويلَهــا شـرفٌ ومجـدٌ
وليسَ لغيرِهــا أو مُدَّعِيهـــا
ترعـرعَ في الصِبا وازدادَ علماً
بكفرِ الشيْــخِ أصبحَ من ذوِيها
وعن أشياخِهـا حـدِّثْ بفخـرٍ
بَدَوْا بالأزهــرِ الألقَ الوجِيهَـا
وعـن أعلامِهـا في كـلِّ فـنٍ
وكم قد أبدعـوا عن مُصلِحيهـا


وجامعـةٍ بها أضحـتْ حديثـاً
لطــلابِ العلـومِ لقاصِديهــا
تُخـرِّجُ كلَّ عـامٍ خيـرَ نشءٍ
ليكثُـرَ في الـورى من مُعجبيها
فليسَ لأمــةٍ من غيـرِ علـمٍ
سـلاحٌ في الوغـى من شانِئيها
وعن يـومِ البُرُلسِ ليس يخفَى
حديثٌ ، سَـلْ إذنْ عن مُصلتيها
وسلْ عن بارجـاتٍ قد تهـاوتْ
بنــارِ البحـرِ أهوتْ مُصطَليها
تهـادتْ إذ أتتْ تختـال عُجْبَـاً
وكـم أغـرتْ حماقــاتٌ سَفِيها
ولمَّـا قد صَلَـتْ باليمِّ خَسفَـاً
غـدتْ للحـوتِ طُعماً يشتهِيهـا
وأضحـى ذلك الإنجـازُ يزهـو
بهـا ، ما دامتِ الدُّنيــا يُرِيهـا


بأنَّ المجـدَ بعـدَ البذلَ يأتـي
وكــلُّ جسـارةٍ شـرفٌ يليِهـا
وليسَ لِمَنْ وَنى في الناسِ مجدٌ
سِـوى أنْ يُـزدرَى سَفَهاً كرِيها
أكفـرَ الشيخِ موطِنـىَّ المُفـدَّى
إليـكِ تحيــةً منـكِ اقبليهــا
أنا المملـوءُ بالأشـواقِ دوماً
لأرضِـكِ أطفِئـي أو أشعِليهــا
وشُقِّـي نحـو ما نرجوهُ طرْقاً
تكافــىءُ ما يكـابدُ مُنتهِيهــا
يشمِّـرُ عن سواعـدهِ مُجِــدٌّ
لعـزِّكِ لو بنـــارٍ يكتوِيهــا
أدامَ اللهُ عــزَّكِ كلَّ حـَــوْلٍ
وقــد أعـددتِ مؤتَلِقـاً نبِيهـا
فليسَ كمثـلِ كفرِ الشيخِ أرضٌ لنا مهمــا تسـامَتْ نرتَضِيهـا

حلم الشاعر










حلم الشاعر



عــلامَ الجوى والأسى الحائرُ
وفيمَ النَّوى والهــوى الثائــرُ
أتقضي الحيـاةَ طريدَ الأمانــي
وجرحُـك من سهمهـا غائــرُ
تطـاردُ في الليل أقصى النجومِ
وعزمُـك في صيدها فائـــرُ
بروضٍ بطيبِ الأمانـي العذاب
سقاهن صوبُــك ذا الغامــرُ
يعيشُ بهِ الناسُ فوقَ السحـابِ
وينثرُ زهـرَ المنــى الناثــرُ
فلا الحقـدُ يلقـى بهِ من مجالٍ
ولا البُغضُ يحملــهُ الــوازرُ



ولا الغـدرُ يصدمُ خـلَّ الوفـاءِ
ولا قضَّ مضجعُـهُ الغــــادرُ
ويحيا بهـذى الحيـاةِ الخصومُ
بظـلِّ الـودادِ لهُـم سامـــرُ
فحسبُــك أنك خصبُ الخيـالِ
وفـوق سحـابِ المُنـى طائـرُ
فلسـتَ تنـالَ برغـمِ العنـادِ
سـوى بعضِ ما يدعي الخاسـرُ
وكيف لـزورقِ غضٍ غريــرٍ
نجــاةٌ ، ومـوجُ الرَّدى هـادرُ
لتنعم بما تجتلـي من معــانٍ
وقلبُـك بالمُرتجـى زاخـــرُ
وإن لم تحقق مُحـالَ الرجـاءِ
يكُنْ لك فيــهِ هـوىً آســرُ
ستفـرحُ حين يمـرُّ النَّسيــمُ
ويرقصُ فيهِ شــذىً عاطــرُ





وتسعـدُ عند اجتمـاعِ الغيـومِ
ويهطــلُ وابلُهــا الماطــرُ
وتطـربُ عند انتشـاءِ الطيورِ
فـأنتَ بتغريدِهـــا السائــرُ
وتبقـى بحصنِ الرجاءِ المنيـعِ
فليس يجــاوزهُ العابـــــرُ
وتلقــى بذاتِك رحـبَ الفضاءِ
إذا ضـاقَ في رحبـهِ القاصــرُ
وتصغـرُ عندك شـُمُّ الجبــالِ
لأنـك من فوقِهــا ظاهـــرُ
ويعظمُ عندك مثـلُ الهبـــاءِ
فأنت إلى الغايـــةِ الناظـــرُ
فإن كان حلمُـكَ محضَ الخيـالِ
وأنـك فـي سبخة بــــاذرُ
فحسبُكَ أنكَ رُمـتَ الكمـــالَ
وأنـكَ في عجـزِهم قــــادرُ

وأنك كنتَ تريـدُ الخــلاصَ
وحلمُـك مستطــرَفٌ نــادرُ
يظــلُّ يُراودُ حلمَ الكبــــارِ
بلوغُ المُحــالِ ، هو الساحـرُ
ويمضون في السَّعي أزهى الليالي
ويسهرُ فيمـا هوى الساهــرُ
فجــرِّدْ لغيرِ المُحالِ اليــراعَ
يكـنْ لك فيـهِ جنــىً وافـرُ
فكـم شاقَ غيـرَكَ ذا المستحيلُ
يســوقُ إليــهِ دُجـىً جاسرُ
فحسبُك عشقُ امتطـاءِ القصـيدِ
وأنــك فيــهِ فتــىً آمــرُ
ودع عنـكَ عشقَ الغريبِ المحالِ
يـَـدَعْ عنــك ازْرَاءَهُ الساخرُ
ألا أيهـا المكتفِــى بالكــلاِم
بوجــهِ الحُســامِ ، مَنِ القاهرُ

الفهرس


الفهرس


مقدمة ..................................................... 5
لماذا الحزن................................................. 9
هدير الشوق ............................................. 13
شرف انتساب ............................................. 17
إلى أمي .................................................. 21
شعر وموسيقا ............................................. 25
إلى مصر ................................................. 28
لدجلة والفرات .......................................... 32
طوبى للغرباء ............................................ 36
إلى زوجتي ............................................... 40
من وحي الحج ............................................ 43
إلى بغداد ................................................ 47
رمضان جاء ............................................... 51
إلى ولدىَّ................................................. 55
النيل .................................................... 58
ياسينية الشهادة ......................................... 62
دياب .................................................... 68
اليتيم ................................................... 71
عذرا إمام الهدى ......................................... 75
إلى أحبتي ............................................... 79
تودد وصدود ............................................. 83
من وحي المولد ........................................... 87
إلى كفر الشيخ ........................................... 91
حلم الشاعر ............................................. 95

الشاعر فى سطور

الشاعـــــر

حسن متولـي عبيد

* من قبيلة بريدان إحدى بطون الفواخر، الهاشميين
الأشراف.
* مواليد قرية صندلا – محافظة كفر الشيخ.
* ليسانس آداب - لغة عربية.
* عضو نادي الأدب بقصر ثقافة كفر الشيخ.
* عضو الصالون الثقافي بالقرضا.
*عضو الجمعية العربية للمبدعيين
( بكفر الشيخ )
* نشرت ببعض قصائد الديوان بالدوريات الثقافية
وأذيعت بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
* يشارك بالمؤتمرات واللقاءات الأدبية.

ت : 3239502/047 & 0160430361









رقـم الإيــداع

16883/2008

الترقيم الدولي I.C.B.N

977-5184-27-4

الأربعاء، 15 يوليو 2009

قراءة في ديوان فيض الشجون

قراءة في ديوان فيض الشجون للشاعر حسن متولي

قراءة في ديوان "فيض الشجون" للشاعر حسن متولي
بقلم: عبدالبر علواني
"هل الريح تعلم أني انفلاق الشعاعوأني انعتاق الغضب"
ربما كان هذان السطران الشعريان اللذان أبدعهما الشاعر علي قنديل
في ديوانه(كائنات علي قنديل الطالعة)
مدخلا صالحا من كثير من الوجوه لدراسة تجربة الشاعر(حسن متولي)
في ديوانه الأول فيض الشجون الذي صدرت طبعته الأولى عام 2008م.
لقد صدر هذا الديوان في الوقت الذي امتلأت فيه الساحة الشعرية بما يسمى شعر الحداثة
،الذي دقت من حوله الطبول ،وأقيمت له حفلات الزار،حتى أصبح له سدنة ومريدون
،وأصحاب مباخر.
وديوان(فيض الشجون)
يمثل تجربة من الشعر العمودي،هذا الشعر الذي عاب عليه النقاد
بأنه لم يعد فيه مواهب،تزاوج بين مقتضيات التراثية،وطبيعة العصر في التجربة،
واستخدام اللغة،وبناء العبارة،وأن معظمه ليس فيه الوهج الفني الشعري الذي يمكن أن يجعله مقبولا
إلى جانب الشعر الحر، وشاهد ذلك عندهم أن الشعر العمودي بدأ يتضاءل،
فجاء الشاعر ليرد على كل هؤلاء قائلا:
ودع عنك الغريب المحال يدع عنك إزراءه الساخرفحسبك أنك رمت الكمال وأنك فـي عـجزهم قـادرفهؤلاء الذين جروا وراء الغريب من المعاني،راكبين مهر الحداثة الجامح،يقفون موقفا عدائيا من الشعر العمودي، حتى أصبح شعراؤه يتسولون الرضا في المنتديات والصالونات الأدبية،وكأن الشاعر العمودي أصبح مطليا بالقار أجرب، مما حدا بحسن متولي أن يقول:ترحل لا تقم أبدا بأرض يطاول بعرها درر اللآليودعونا نلقي الضوء على التجربة وصاحبها من خلال النصوص المعروضة عبر ديوانه؛ لنحدد شخصيته من خلال موضوعاته، فهو شاعر وطني، متمكن من لغته مبنى ومعنى، ولم لا؟ وهو معلم لها،متعبد في محرابها يأخذ منها أوراده وأدعيته، يعبر في قصائده عن انتمائه لبيئته ووطنه الذي ينتمي إليه، فجاءت قصائده محملة بالحب وصدى للوجدان، فجاء الحرف نبضة من نبضات القلبإذ يقول عن موطنه (كفر الشيخ):لكفر الشيخ ما يدعو بنيها إلى أن يبدعوا الأشعار فيهالها من سابغ النعماء فضل يروح به الفتى زهوا وتيهاوهل مثل الوفاء لرد دين وكم ذا قـد رعـت أم بنيــهابدلتا نيلها المــعطاء تبدو كفلـج الحـسن خـلابا بفيهافدلت بالذي يختــال حـسنا بأن قد فاز حـتما مستبيها فالكتابة تصور الانفعال،والانفعال حركة توقع بصورة صوتية وبذلك تأتي موسيقى العمل الأدبي معبرة عن عاطفة صاحبه،فكان استخدام بحر الوافر هنا معبرا عن عاطفة الحب والانتماء ،فارتبط الوزن بالعواطف والمعاني.ومما يدل على هذا الانتماء أيضا قصيدته(إلى مصر) حيث لا يتنكر لها أو ينكر فضلها، ويعرف وفاء الرجل بحنينه إلى أوطانه،ووفائه لأهله وإخوانه. فيقول:لمصر العزيزة في ذمتي صنوف من الفضل والنعمةفمنها رشفت رحيق الحياة وفيـــها ظــلالي في الوقــدةومهد الطفولة في حضنها وعــهد الصبابة والصــبوةدماء الشرايين من نيلـــها سرت من شرايينه العذبـةوفيها قرأت كتاب الحــياة تجلى سطــورا على صفحتيثم لا ينسى دوره في إيقاظ همم أبناء وطنه مصر، وحثهم على القيام بدورهم ،فيقول: فقوموا بني مصر هذا الأوان لسعي حثيث إلى النهضةفهنا شاعر وأبناء وطن،وكل قوم يحبون تجديد أنفسهم ،وبعث قوميتهم،والشعر رسالة،والشاعر هنا يستنهض أبناء الوطن، فهو يعرف ما يكمن في الشباب من حداثة وقيم وآراء إذا وضعوها في خدمة وطنهم يظلون قائمين لا ينحنون، فهذا هو الوقت المناسب للنهوض من الرقدة، والقيام من الغفلة،ولذلك جاء بالظرف الاعتراضي(هذا الأوان) الذي لم يأت عفويا إنما هي لحظة الكشف والشاعرية التي تلقي بالكلمة في طريق الشاعر،فيكون لها سحرها وجمالها، فهو وفق في اختيار الوقت المناسب للنهوض، والأمة في حراكها السياسي،والشارع يطالب بالإصلاح والتغيير،تحتاج إلى من يقوم عنها ليغير الأوضاع المتردية، فلا يأس ولا خنوعفبالعزم لا يستحيل الرجاء وأمــا الشـــقاء ففي الكبوةوهل ينفع العاجزين الرجاء بــلا أي حــــول ولا حــــيلةوهل يمطر الجـو خبز الجياع ولم يزرعوا الأرض بالحنطةإن حسن متولي المعجون بتراب هذا الوطن،والمهموم بقضاياه لم ينس بغداد الألم والجرح النازف، فهو يكتب إلى( دجلة والفرات)سينية لا تقل جمالا وروعة عن سينية البحتري فيقول:لدجلة والفرات هوى بنفسي يجــل عــن التصبر والتأسيوهل لمضاعف الأشواق سلوى وفي الإصباح تغمرنا وتمسيوما مــن مــرفأ لسفين وجـــد تحط رحالها ولديه تـــرســــيحــرام هـــذه اللـقيا علـــــينا وكل حظــوظنا تــذكــار أمــسوما السين المكسورة في القافية إلا دلالة على الانكسار النفسي للشاعر وحزنه لما تعرض له العراق من ظلم على أيدي جلاديه وعملائهمفيا من يستعين بسيف جور على الإخوان عدت بسوء تعسفــذا من باع للأشرار شعبا وهذا في الجــــلاد عظــيم درسإن ربة الشعر اختارت حسن متولي لهذا اللون التقليدي الذي وجد نفسه فيه، شأنه شأن كبار الشعراء في أزهى عصور الأدب ، يقول الشعر ولا يرجو به نوالا من أحد إنما هو صدق العاطفة،ونبض الوجدان، وهو الذي عاش فترة في بغداد،واقترب من ثقافتها،وعايش شعبها وأحداث ملماتها حتى أنه اختصها في ديوانه بقصيدتين،وأعلن عن حنينه لها :سلاما يا بلاد الشعر إني يحن إليه في بغداد طرسيلم ينفصل حسن متولي عن قضايا وطنه والأحداث الكبرى التي تعرض لها الوطن وهذه غزة كان لها نصيب من شاعريته وحسه المرهف وهي تئن تحت حصار الترهيب والتجويع ،فيقول:أكتافنا زاد ومـــاء عيــــوننا إن عز ماء النبع فهو الماءوكذا القلوب فلا تضن بنبضها دفق المحبة فيضهن عطاءوهو شاعر مسلم من الأشراف،ينتمي إلى الدوحة الهاشمية، منتسبا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول في قصيدته (شرف انتساب):خرجت من التراب إلى السحاب بنيلك في الورى شرف انتسابلدوحـــة هاشـم لعــــظيم أصــل فزدت من الكرامة في النصابوهل كــمحمد شــــــرف وأصــل هززت إلــيه في شغـف ركابيهذا الانتساب أكسبه تلك الروحانية والنورانية التي تجلت في قصيدته(من وحي الحج)يهفو إليك على الدوام فؤادي يا قبلة الإنعام والإسعادأسمى الأماني أن أفوز بركعة في البيت في الحرم الجليل النادييا لهف نفسي يوم أول ضمة للكعبة الغراء حضن فؤاديقلبان:قلب للــدنا ومــعذب بالشوق قد جمعا بخير بلادهذا غيض من فيض،ينبئ عن صوت شعري يحق لنا الاحتفاء به في إصداره الأول،وإطلالته الأولي على الساحة الأدبية بديوان مطبوع، ولكن هناك بعض الوقفات النقدية والهنات اللغوية والعروضية، يجب أن ألفت نظر الشاعر إليها ،ومنها:1
- ميل الشاعر إلى النظم ،وبعده عن الشاعرية في قوله:يالهف نفسي والشجون هواطل كثر فلا حصر ولا تعدادفكلمة (تعداد) بعد كلمة(حصر )لم تضف للمعنى شيئا إذ إن الحصر هو التعداد ، والكلمة مجلوبة للقافية.= توقف الجريان العاطفي،وانقطاع سريانه في قصيدة (لماذا الحزن)حيث بدأ الشاعر قصيدته:لماذا الحزن والدنيا تدور ولا ألم يدوم ولا سروروبعد واحد وعشرين بيتا عاد الشاعر للأسئلة نفسها ، ولو أعاد الشاعر ترتيبها وأتى بها بعد البيت الأول لكان أجمل على هذا النحو:لماذا الحزن والأطيار تشدو وفوق رؤوسها حكمت صقورلماذا الحزن والأنهار تجري وكم بطريقها عرضت صخورلماذا الحزن والأزهار تهدي برغم الشوك ما احتجبت عطورلماذا الحزن والأقدار تمضي وفاز شكورها ســـخط الكــفوروعلى المستوى اللغوي وفي مستوى النحو= يقول الشاعر: ... هذا البهيُّ كوكبٍ وقّاد بجر( كوكب) وحقها الرفع إلا أن يأتي بحر ف التشبيه الكاف ليستقيم الوزن ويبقى الجر.= وفي قوله: ... سيزيد نارَ الشوق قدحَ زناد . بفتح (قدح)وحقها الضم= ويقول: ... وهل طلبُ الكمالَ بها بصيرُ بضم (طلب) وفتح (الكمال) والسياق ينبئنا بأن كلمة (طلب )فعل ماض مبني على الفتح= ... لِم لمْ توحدُ جمعكم نكبات. برفع توحد وحقها الجزم= في ياسينية الشهادة يقول: يسُ هكذا بضم (يسُ والقرآن إنا معشر)الأخطاء العروضية:= الديوان يضم ثلاثا وعشرين قصيدة اعتمد في نظمها الشاعر على أربعة بحور ، قصيدة من البسيط ،وثنتين من المتقارب،وإحدى عشرة من الكامل، وتسع قصائد من الوافر ، وهذا دلالته عندي أنه يجيد السباحة في هذه الأبحر،أو أن موضوعات القصائد فرضت عليه ذلك.= وقد اتضح لي تداخل البحور وخاصة في ضرب الكامل فالتحولات الحادثة في هذا البحر تخص بحر الرمل ،ومن ذلك:قصيدة من وحي الحج، كلها يوجد بها هذا الخلط،مثال:قد طال شوقي والحياة قصيرة ولكم أتاح لي الكريم مراديفالضرب(ممرادي) من تحولات بحر الرمل(حركة+حركة+حركة+سكون+حركة+ساكن) على فعلاتنوكذا في معظم الأضرب من الكامل مثل: (البيت الأول إسعاد) فالاتن وهي أيضا من تحولات بحر الرمل= ومن مجزوء الكامل (لأيمن ابني وأحمدا) كسر بيّنفمن الملحوظ أن تغيرات النغم والإيقاع صورة ظاهرة للتغيرات الانفعالية الباطنة،فهي ترتبط بالعواطف والمعاني إذا كانت التغيرات الحادثة مما يجوز في البحر الواحد،أما أن تتغير الإيقاعات من بحر إلى بحر فهذا لا ارتباط له،لا بمعنى ولا عاطفة.وفي التجارب الأولى لا ينشد الكمال كله ،وما قلته لا يقلل من التجربة أو من الجهد المبذول فيها ، ولعل هذه القراءة تكون قد أضاءت وأضافت إلى الديوان.